إيلاف من عمّان: انطلقت مساء أمس، 2 تموز (يوليو) 2025، فعاليات الدورة السادسة من مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم، وذلك بحضور الأميرة ريم علي، رئيسة المهرجان والمؤسسة المشاركة له، إلى جانب الأمير علي بن الحسين، وجمع من الفنانين والمخرجين والنقّاد من الأردن والعالم العربي وأوروبا، في فعالية تعكس رهانًا متجددًا على قوة السينما بوصفها لغةً إنسانية ومجالاً للمقاومة الثقافية.
المهرجان، الذي يستمر حتى 10 تموز (يوليو)، يقدّم هذه السنة برنامجاً غنياً يشمل 62 فيلماً من مختلف القارات، بينها عروض أولى عالمية، وأخرى نالت جوائز مرموقة في مهرجانات سينمائية كبرى. وجميع هذه الأعمال تُعرض للمرة الأولى في الأردن، في تقليد سنوي يُرسّخ هوية المهرجان بوصفه منصة للعرض الأول عربياً ودولياً.
برنامج يراهن على الحرية والتجريب
شعار الدورة السادسة، «عالم خارج النصّ»، يُعبّر عن توجه المهرجان لكسر البنى السردية التقليدية وتقديم تجارب سينمائية تتحدى السائد، وتتيح لصنّاع الأفلام المستقلين سرد قصصهم من زوايا غير مألوفة. في كلمتها الافتتاحية، وصفت الأميرة ريم علي الشعار بأنه "استجابة فنية لعالم انهارت فيه الدبلوماسية والقوانين الإنسانية"، وأضافت: "نرفض أن نموت ثقافياً، حتى وأدوات الموت والدمار تحلّق فوق رؤوسنا."
وفي موقف تضامني مع الأوضاع الجارية، لا سيما في فلسطين، أعلن المهرجان استمراره بإلغاء مراسم السجادة الحمراء والاحتفالات الرسمية، للعام الثاني على التوالي، مع تأكيده في المقابل على المضي في رسالته الثقافية بوصفها مساحة بديلة للتعبير والكرامة الإنسانية.
إيرلندا ضيف شرف… وجيم شيريدان يتحدث عن الإيمان والحقيقة
اختار المهرجان إيرلندا ضيف شرف لهذه الدورة، وهو ما تُرجم بحضور المخرج الإيرلندي Jim Sheridan، المعروف بأفلامه ذات الطابع الاجتماعي والإنساني، منها My Left Foot وIn the Name of the Father. قال شيريدان في كلمته: "في كل مرة تصنع فيها فيلماً، فإنك تعكس شبكة من المعتقدات... الشيء الوحيد ذو قيمة هو الإيمان والحقيقة، ولهذا لا يستطيع الإيرلنديون إلا قول الحقيقة."
ويعد حضور Sheridan دليلاً على رغبة المهرجان في الانفتاح على التجارب السينمائية الدولية ذات الرؤية الأصيلة.
افتتاح بفيلم فلسطيني وكلمة ثقافية بامتياز
افتُتحت العروض بفيلم قصير بعنوان ما بعد للمخرجة الفلسطينية مها حاج، بحضور بطل العمل الفنان محمد بكري. واختار المنظمون أن يكون الافتتاح بفيلم من فلسطين كتحية رمزية في ظل ما تشهده المنطقة من نزاعات وانتهاكات.
كما تضمن الحفل فقرة فنية تراثية قدّمتها فرقة "نادي الجيل الجديد" الشركسية، وسط تصفيق حار من الحضور، تبعها تقديم رسمي لأعضاء لجان التحكيم. تولّى تقديم الحفل كل من الفنانة زين عوض والمذيع مهند الجزيرة.
دعم إنتاجي ومهني للسينمائيين الصاعدين
إلى جانب العروض الجماهيرية، يُنظم المهرجان برنامجًا مهنيًا مخصصًا للمواهب العربية الناشئة تحت عنوان أيام عمّان لصنّاع الأفلام. ويشمل البرنامج ورش عمل، جلسات تطوير مشاريع، وفرص تسويق وتوزيع، مع اهتمام خاص بالأفلام في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج.
من الأردن إلى العالم… صمود ثقافي يتجدد
يأتي المهرجان في دورته السادسة ليؤكد مكانته كمنصة عربية مستقلة تفتح آفاقاً جديدة للسينما المغايرة. وبينما لا تزال المنطقة ترزح تحت أعباء النزاعات، يواصل المهرجان لعب دوره في ترسيخ لغة بديلة، قوامها القصص الإنسانية والصدق الفني.