: آخر تحديث

العراق والمملكة المتحدة: شراكة اقتصادية متجددة وآفاق واعدة

3
3
3

نطمح إلى رؤية بريطانيا كشريك استراتيجي في مشاريعنا الطموحة، وفي مقدمتها مبادرة "طريق التنمية".

وسألتقي خلال زيارتي إلى لندن بجلالة الملك تشارلز الثالث، ورئيس الوزراء، وكبار المسؤولين في الحكومة البريطانية.

وتعكس هذه الزيارة التزام حكومتي بتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين العراق والمملكة المتحدة، وهي شراكة متجذرة في عمق التاريخ وتتطلع إلى آفاق أوسع من التعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي.

إن لقاء الملك يحمل أهمية رمزية كبيرة لأنه يؤكد على الروابط التاريخية الراسخة بين بلدينا ويسلط الضوء على الأهمية التي نوليها لتعميق الحوار والتنسيق في قضايا الأمن والاستقرار والتنمية في منطقتنا.

تأتي هذه الزيارة في خضم أحداث غير مسبوقة ومتصاعدة في الشرق الأوسط، والتي لا تهدد المنطقة فحسب، بل تنذر بصراعات أوسع نطاقاً. كما أنها تتزامن مع التحولات الجارية في سوريا، مما يسلط الضوء على الحاجة الملحة للتضامن الإقليمي والدولي لضمان احترام الإرادة الحرة للشعب السوري وتطلعاته. حماية حقوق الأقليات والحفاظ على التنوع العرقي والديني والاجتماعي الغني في سوريا.

لقد شهدت العلاقة بين العراق والمملكة المتحدة تحولات كبيرة على مدى العقود الأخيرة، بدءاً من مرحلة إعادة الإعمار بعد عام 2003 إلى الدور الحاسم الذي لعبته المملكة المتحدة في تقديم الدعم العسكري والاستخباراتي خلال حرب العراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

واليوم، وبينما يحقق بلدنا مستويات أعلى من الأمن والاستقرار، حان الوقت للانتقال إلى مرحلة جديدة من الشراكة الاقتصادية المستدامة.

وتهدف هذه الشراكة إلى المساهمة في تنمية العراق وتنويع مصادر دخله مع توفير فرص موسعة لبريطانيا في سوق واعدة ذات إمكانات بشرية واقتصادية كبيرة.

وستتركز مباحثاتي مع رئيس الوزراء البريطاني وكبار المسؤولين الحكوميين البريطانيين على سبل دعم خططنا الطموحة لإعادة تأهيل البنى التحتية وتطوير القطاعات الإنتاجية، ولا سيما قطاع الطاقة الذي يبقى العمود الفقري للاقتصاد العراقي.

وقد لعبت شركات بريطانية بارزة لسنوات دوراً رئيسياً في تطوير حقول نفطية مهمة، مثل حقل الرميلة وكركوك.

وقد تعزز هذا التعاون مؤخرًا من خلال اتفاقية جديدة مع إحدى أكبر الشركات البريطانية لإنشاء مشروع غاز كبير، يتضمن إعادة تأهيل حقول شركة نفط الشمال وإنشاء بنية تحتية واسعة النطاق للصناعة النفطية. وهذا يعكس الثقة المتبادلة والالتزام المشترك بالبناء على النجاحات السابقة.

سنستمر في تشجيع المزيد من الاستثمارات البريطانية في مجال النفط والغاز، وكذلك في مشاريع الطاقة المتجددة، إدراكاً منا لأهمية تنويع مصادر الطاقة ومعالجة التحديات البيئية على المدى الطويل.

وبعيداً عن الطاقة، نهدف إلى تعزيز العلاقات التجارية التي شهدت نمواً ملحوظاً في السنوات الأخيرة. فعلى مدى العامين الماضيين، حصلت الشركات البريطانية على عقود كبيرة في مختلف المجالات، بما في ذلك الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا والصناعة والدفاع، بقيمة إجمالية تتجاوز 3 مليارات دولار. وتجاوزت صادرات المملكة المتحدة إلى العراق مليار دولار في عام 2024، بزيادة قدرها 6.4 في المائة مقارنة بالعام السابق، حيث بلغت نسبة الصادرات من السلع 36 في المائة من الصادرات و37 في المائة من الخدمات.

وخلال هذه الزيارة، سيتم الإعلان عن العديد من المشاريع الكبرى المخصصة للشركات البريطانية، والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات. ونحن نطمح إلى أن تكون بريطانيا شريكاً استراتيجياً في مشاريعنا الطموحة، وعلى رأسها مبادرة ”طريق التنمية“ التي تهدف إلى جعل العراق مركزاً تجارياً عالمياً يربط الشرق بالغرب.

ويوفر هذا المشروع فرصة حقيقية للاستفادة من الخبرة البريطانية في إدارة وتمويل مشاريع البنية التحتية الكبرى، مما يوفر منصة تعاونية تعود بالنفع على المصالح الاستراتيجية لكلا البلدين مع تعزيز الاستقرار الاقتصادي الأوسع في المنطقة.

كما ستتناول هذه الزيارة مجالات رئيسية أخرى، بما في ذلك مواصلة إصلاح القطاع المصرفي العراقي بالتعاون مع المؤسسات المالية البريطانية وتبادل الخبرات في مجال التحول الرقمي والتقنيات الحديثة لتحسين الخدمات الحكومية وتعزيز الكفاءة الإدارية.

نحن عازمون على توجيه الاستثمارات إلى تطوير التعليم والتدريب لتزويد الشباب العراقي بالمهارات المطلوبة لتلبية متطلبات المرحلة المقبلة من التنمية.

بالإضافة إلى ذلك، ندرك الحاجة إلى حماية المكاسب الأمنية التي تحققت بدعم من شركائنا. وسوف نستكشف في لندن سبل تعزيز التعاون في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب، وحماية الاستقرار المحلي والإقليمي على حد سواء. كما نسعى للاستفادة من الخبرات البريطانية في مجال الصناعات الدفاعية والعسكرية لتعزيز قدرات العراق في هذا المجال الحيوي.

تحمل اجتماعاتي القادمة في لندن رسالة واضحة: إن العراق ملتزم ببناء شراكات قائمة على المصالح المشتركة والرؤية الاستشرافية. إننا نسعى إلى شريك عالمي ذي ثقل سياسي واقتصادي، والمملكة المتحدة في وضع جيد يؤهلها للعب هذا الدور الحيوي ونحن نبدأ فصلاً جديداً من النمو وإعادة الإعمار. وانطلاقاً من الإرث التاريخي المشترك والرغبة الصادقة في بناء جسور تعاون أقوى، فإنني على ثقة بأن نتائج هذه الزيارة لن تعزز التبادل الاقتصادي فحسب، بل ستضع الأساس لعلاقات أمنية وثقافية أقوى.

فالعراق اليوم، بموارده البشرية وثرواته الطبيعية وموقعه الاستراتيجي، يطمح لأن يكون ملاذاً للاستثمار ووجهة للشركات العالمية. ولا يمكننا أن نفكر في أصدقاء وشركاء أفضل من أصدقاء وشركاء المملكة المتحدة لمواصلة هذه الرحلة وتحقيق تطلعاتنا المشتركة لمستقبل أكثر ازدهاراً واستقراراً.

 


* نقلاً عن التلغراف
 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف