في الثاني والعشرين من فبراير من كل عام، تحتفل المملكة العربية السعودية بـ "يوم التأسيس"، ذكرى تأسيس الدولة السعودية الأولى على يد الإمام محمد بن سعود عام 1727م. هذا اليوم ليس مجرد مناسبة وطنية، بل هو تأكيد على العمق التاريخي والحضاري للمملكة، الذي تجسده الدرعية، المدينة التي كانت نواة الحلم السعودي وبوابة المستقبل.
الدرعية: مهد الدولة السعودية
تأسست الدرعية في منتصف القرن الخامس عشر على يد الأمير مانع بن ربيعة المريدي، لتصبح لاحقًا عاصمة الدولة السعودية الأولى تحت قيادة الإمام محمد بن سعود. بفضل موقعها الاستراتيجي على ضفاف وادي حنيفة، وخصوبة أراضيها، وقيم سكانها القبلية، أصبحت الدرعية مركزًا سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا مهمًا في الجزيرة العربية. كانت الدرعية منارة للعلم والإصلاح، حيث احتضنت العلماء وطلاب العلم، وشهدت مجالس الحكام نقاشات سياسية وثقافية أسهمت في ازدهار الحركة العلمية في المنطقة.
إعادة إحياء الدرعية
اليوم، تعود الدرعية لتلعب دورًا محوريًا في رؤية المملكة 2030. بفضل مشاريع التطوير الضخمة مثل "بوابة الدرعية" وترميم حي الطريف التاريخي، تتحول الدرعية إلى وجهة سياحية وثقافية عالمية. هذه المشاريع لا تهدف فقط إلى إعادة بناء البنية التحتية، بل إلى إعادة إحياء الإرث الثقافي للمدينة، مما يجعلها رمزًا للهوية الوطنية السعودية.
وفي هذا السياق، أود أن أقدم اقتراحًا قد يك جريئًا بعض الشىء، وهو: لماذا لا نعتمد الدرعية عاصمة سياسية ودبلوماسية للمملكة، تنتقل إليها السفارات الأجنبية، وينشأ فيها مقر جديد لوزارة الخارجية السعودية على الطراز التراثي؟
بهذه الخطوة، تصبح الرياض العاصمة الإدارية، والدرعية العاصمة السياسية، بينما تظل مكة المكرمة العاصمة الدينية.
هذا الاقتراح ليس مجرد فكرة طموحة، بل هو استلهام من تاريخنا العريق. فكما نقل الملك سعود رحمه الله الوزارات من جدة إلى الرياض في ستينيات القرن الماضي، مما أدى إلى تحول الرياض إلى عاصمة إدارية كبرى، يمكن للدرعية أن تعيد تجربة مماثلة ولكن ببعد ثقافي وسياسي فريد.
لماذا الدرعية؟
· الرمزية التاريخية: الدرعية هي مهد الدولة السعودية الأولى ورمز الوحدة الوطنية.
· الجذب السياحي والدبلوماسي: وجود السفارات في الدرعية سيجعلها وجهة دبلوماسية وسياحية عالمية.
· التوازن الجغرافي: نقل السفارات إلى الدرعية سيخفف من الضغط على الرياض، مع الحفاظ على دورها كعاصمة إدارية.
· التنمية المستدامة: سيسهم هذا الاقتراح في تنمية الدرعية اقتصادياً واجتماعياً، مع الحفاظ على طابعها التاريخي.
الرؤية المستقبلية
بهذا الاقتراح، ستكون الدرعية تاج المدن العربية، حيث تجمع بين الأصالة التاريخية والحداثة المتطورة. ستكون الرياض العاصمة الإدارية، والدرعية العاصمة السياسية والدبلوماسية، ومكة المكرمة العاصمة الدينية. هذا التوزيع الجغرافي والوظيفي يعكس تنوع المملكة وثرائها الثقافي والسياسي، ويعزز مكانتها كدولة رائدة في المنطقة والعالم.
هذا الإقتراح هو فكرة راودتني وأنا في خضم الكتابة فصل خاص بالدرعية بعنوان: "الدرعية - نواة الحلم السعودي وبوابة المستقبل" في كتاب جديد اقوم بكتابته عن المملكة بعنوان (القوة والتحول MBS). انتهزت ذكرى يوم التأسيس، الذي نحتفل فيه ليس فقط بماضٍ مجيد، بل بمستقبل مشرق. الدرعية، التي كانت نواة الحلم السعودي، يمكن أن تكون بوابة المستقبل، حيث تجمع بين الأصالة والحداثة، وتصبح نموذجًا للتنمية المستدامة والهوية الوطنية. فلنعمل معًا لتحقيق هذا الحلم، ولنجعل الدرعية تاج المدن العربية.
الدرعية: من مهد الدولة إلى عاصمة المستقبل
مواضيع ذات صلة