تجتهد وسائل الإعلام العربية والأجنبية في وضع تصور لاجتماع القمة العربية الطارئ والمقرر إقامته في مصر الشقيقة في الرابع من آذار (مارس) وما هي القرارات التي قد تصدر عن الاجتماع، خاصة أنَّ الأحداث اليوم أكثر سخونة مما سبق، فالتطورات في الملف الفلسطيني وتصريحات الرئيس الأميركي تتطلب اهتماماً عربياً كبيراً حتى لا تخرج القضية الفلسطينية عن مسارها الصحيح، ويصبح أمر التهجير واقعاً، أو يصبح طرحه أمراً عادياً قابلاً للتحقيق في المستقبل. رغم أن حالة الأمة العربية ليست في أفضل حالاتها، لكن من الصعب أن تجد دولة مثل إسرائيل فرصة لتعزيز نفوذها والسيطرة على ما بقي من فلسطين في ظل هذا الوجود العربي، ولن يقبل العرب بذلك؛ لذا من المهم أن يجهز القادة العرب ملفاً متكاملاً يضمن للفلسطينيين حقهم في غزة والضفة، حتى تبقى هذه المطالبات أساسية وجزءاً أساسياً من خطط السلام التي ترتبط بحل الدولتين.
إقرأ أيضاً: العالم ينتظر ترامب!
منذ البداية، تكمن الخطوات الأساسية لتحقيق السلام في إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية، وفي تصوري هذا هو المبدأ الأساسي عند كل الدول العربية، سواء في الاجتماعات السابقة أو في الاجتماع المصيري القادم الذي تشكل فيه الصورة العربية بشكل واضح. ويبدو أن مشروع إعمار غزة قد اكتملت تفاصيله عند العرب، وأن هذه الخطوة هي الأهم في مسيرة هذه القضية، فمعالجة الملف الغزاوي اليوم ضمن أولويات الاجتماع، والخطوات المتسارعة في هذا الملف تتطلب جهوداً كبيرة وتأثيراً سياسياً قوياً، والأمة العربية لا ينقصها هذا التأثير طالما أن الأمر مرتبط بالمصالح الأميركية أو حتى الأوروبية مع بعض تلك الدول العربية. وإلى أن تنعقد القمة العربية في مصر الشهر القادم، سيظل الإعلام العالمي يمارس الضغط، وكلٌّ حسب التوجيهات التي يتلقاها من بعض الجهات المستفيدة من الوضع أو المتضررة منه، وقد تكون هناك جهات بأهداف معينة تبرز من خلال سعيها لإضعاف العرب وإظهارهم على أنهم دول ضعيفة ليس بمقدورها فعل شيء من خلال رفع سقف المطالبات بقرارات مصيرية تجعل أميركا وإسرائيل تتخذان موقفاً تتكون من خلاله ردة فعل منفعلة بين الطرفين، يتأجل بسببها مناقشة أي حلول في الوقت الراهن، وأي تأخير في القضية الفلسطينية العالقة الآن يزيد مآسي الشعب الفلسطيني في غزة وكل المناطق المتضررة، بينما الواقع يحكي جهوداً متواصلة بين الساسة العرب والأميركيين، وكلا الطرفين يشعران بأهمية كل طرف للآخر!
إقرأ أيضاً: السعودية وأمتنا العربية
وحتى تنعقد القمة، نوافذ الإعلام مفتوحة على كل الاتجاهات، لكن هل تنجح بعض تلك الضغوطات في التأثير في القادة العرب في الاجتماع القادم؟ أعتقد لا، لأن الحدث أكبر بكثير من بعض التكهنات الإعلامية أو بعض وجهات النظر المنفعلة التي لا تخدم المصلحة العامة. ليس من السهل تقديم ملف يفرض على الإسرائيليين إعمار غزة، هذه الفكرة ضمن الآراء المطروحة في الإعلام العربي، وليس من السهل أيضاً قبول فكرة سيطرة أميركا على غزة وتحويلها إلى "ريفييرا الشرق" كما كان يقول ترامب، وبمفهومنا "تحت الوصاية الأجنبية". أيضاً، هذه الفكرة ضمن الآراء الإعلامية الأجنبية المطروحة، لذا لا يمكن أن نضع القرارات السياسية الصادرة عن المسؤولين في كفة واحدة مع بعض الآراء الإعلامية المرتبطة بالأحداث السياسية، فالآراء السياسية تبقى ضمن إطار الرأي الذي ينظر من منظور خاص، دون أن يحصل على كل التفاصيل وما يدور من مباحثات خاصة بعيدة عن الإعلام. لذا، من المهم أن نفهم أن العمل الإعلامي السياسي يبقى قاصراً في كثير من الأحداث، ولا يمكن أن تكتمل الرؤية الإعلامية طالما أن هناك أموراً تُدار بعيداً عن الإعلام.