يصادف اليوم الثاني والعشرون من شهر فبراير هذا العام وفي كل عام ميلادي، حلول مناسبة وطنية على المملكة العربية السعودية، قيادة وشعباً، وهي الاحتفاء بيوم التأسيس، الذي وجّه به خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، بصدور أمره الكريم، بأن يكون يوماً للتأسيس وهو اليوم الذي يرمز إلى العمق التاريخي والحضاري والثقافي للمملكة عندما أسس الإمام محمد بن سعود الدولة السعودية الأولى عام 1139/ 1727.
يَهدف يوم التاسيس إلى التركيز على الاعتزاز بالجذور الراسخة للدولة السعودية، والارتباط الوثيق بين المواطنين وقادتهم، وبما أرسته الدولة السعودية من الوحدة والاستقرار والأمن، وبصمود الدولة السعودية الأولى والدفاع عنها أمام الأعداء.
كما ويَهدف يوم التأسيس إلى الاعتزاز باستمرار الدولة السعودية واستعادتها لقوة جذورها وقادتها، وبالوحدة الوطنية للمملكة العربية السعودية، التي أرساها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود، وأيضاً بإنجازات الملوك أبناء الملك عبدالعزيز في تعزيز البناء والوحدة.
تحتفل المملكة بهذه المناسبة الوطنية المهمة، مستحضرة قصةً عظيمة لوطنٍ عظيم تأسّس قبل أكثر من ثلاثة قرون، مستعيدة بذلك للذاكرة القصة الملحمية لتأسيس الدولة السعودية على يد الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- في عام 1727، وما صاحب ذلك من قصص وبطولات وملاحم تاريخية، أسهمت في بناء كيانٍ سياسي واقتصادي واجتماعي يَنعَمُ بالوحدة، والازدهار، والأهم من ذلك وذاك، ينعم بالأمن والأمان والاستقرار والطمأنينة.
هذه المناسبة الوطنية العظيمة، تصور وتُحيي قصصاً وطنية جميلة من الماضي السعودي العريق للمملكة العربية السعودية ولشعبها الأبي، إضافة إلى استعادتها لتجارب ولمحاولات اقتصادية تاريخية غنية شَكلت اقتصاد المملكة بالقرن الحالي الواحد والعشرين، حيث إنها تعكس مساراً لاقتصاد عبّر عن مسيرة اقتصادية وتنموية امتدت على خط زمني في الماضي والحاضر بما في ذلك المستقبل الاقتصادي المشرق للمملكة الممتد منذ 300 عام وإلى ما بعد ذلك من الزمن.
هذه المناسبة الوطنية العظيمة، إلى جانب أنها تظهر عراقة الماضي على مدى ثلاثة قرون.، إلا أنها أيضاً تُعد مناسبة عظيمة للربط بين الماضيٍ الجميل والنقلة النوعية التي تشهدها المملكة بالحياة المعاصرة من نمو وازدهار، بجميع مناحي وجوانب وشؤون الحياة بلا استثناء، والتي من بينها على سبيل المثال لا الحصر؛ الجانب الاقتصادي والجانب التنموي، حيث انتقل فيها الاقتصاد، من اقتصاد بسيط يعتمد بشكلٍ كبير جداً على مقومات اقتصادية متواضعة للغاية، كالتجارة البسيطة والزراعة، إلى اقتصاد يقود العالم في مجالات عدة، من بينها: الطاقة التقليدية والطاقة المتجددة، والتكنلوجيا الرقمية، حيث حققت المملكة العربية السعودية مؤخراً إنجازًا رقميًا غير مسبوق بتقدمها 25 مرتبة في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية 2024، لتدخل قائمة أفضل عشر دول عالميًا كأول دولة من الشرق الأوسط محققة لهذا المركز المتقدم، كما واحتلت المرتبة الأولى إقليميًا، والثانية بين دول مجموعة العشرين، والسادسة عالميًا من بين 193 دولة.
وعلى صعيد المعرفية والمهارات الرقمية الحكومية، احتلت المركز الأول عالميًا وقفزت 67 مرتبة في الخدمات الحكومية الرقمية لتحل في المركز الرابع عالميًا، وتتصدر مجموعة دول العشرين والعالم في مؤشر البيانات المفتوحة، كما واحتلت المرتبة السابعة عالميًا والأولى إقليميًا في مؤشر المشاركة الإلكترونية، متفوقة على دول كبرى مثل الولايات المتحدة والصين وفرنسا وكندا.
ومنذ انطلاقة رؤية السعودية 2030، والمملكة تشهد قفزات ونقلات حضارية عملاقة، أعادت تشكيل الاقتصاد السعودي، ليصبح اليوم اقتصاداً مؤثراً إقليمياً وعربياً بل وحتى دولياً، فعلى سبيل المثال، تتبنى المملكة اليوم تطبيقات لتقنيات متقدمة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، حيث تم إطلاق شبكة جيل خامس في البحر الأحمر خالية من الانبعاثات الكربونية، وتطبيق «صحتي» الذي يخدم 30 مليون مستخدم، وأيضاً منصة «أبشر» التي تقدم خدمات وزارة الداخلية السعودية رقميًا وبشكل متكامل للمواطنين والمقيمين والزوار، من خلال الاستفادة من الممكّنات التقنية، وتسخير التقنيات الحديثة؛ بما يوفر تجربة مستخدم مميزة عبر خدمات مؤتمتة ذات موثوقية وأمان وكفاءة عالية، حيث قد حققت المنصة قفزات كبيرة منذ تدشينها عام 2010 عبر خدماتها المقدمة، وأصبحت تنافس منصات الحكومات الرقمية على مستوى العالم.
وقد تجاوز عدد الهويات الرقمية الموحدة الصادرة عبر منصة «أبشر» الإلكترونية أكثر من 28 مليون هوية، وذلك حتى ديسمبر 2024، وتقدم المنصة للمستفيدين ما يزيد على 350 خدمة في العديد من القطاعات الحكومية.
أخلص القول؛ إن يوم التأسيس، مناسبة وطنية عظيمة، تُذكرنا بماضينا العريق، وما تحقق من تقدم وتطور كبير في المملكة عبر العصور، والذي عزز من أدائنا الاقتصادي والمالي، بما في ذلك أداء كافة الأجهزة الحكومية، ومكننا من التحول الرقمي لخدمة المواطنين والمقيمين، تحقيقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030، وتعزيزاً لريادة المملكة في المشهد العالمي اقتصادياً وحضارياً واجتماعياً.