: آخر تحديث

ترحال.. رحلة الدهشة بين الممكن والمحال

5
4
3

ناهد الأغا

من أرض تجيد عشق القصص؛ وتختزل صناعتها لتسكبها بفرادة قل نظيرها؛ وتختزن في ترابها الخصب نبض الأجداد.. من ذاك الجمال ينبع ترحال كجدول ينساب من فيض الحنين؛ يسري في ذاكرة الوطن؛ ليوقظ فينا لذة الدهشة..

هو العرض المسرحي والأدائي الأضخم في السعودية.. حيث يمتزج من خلاله ثراء عناصر التراث السعودي والتكنولوجيا المسرحية الأحدث في عالم العروض فيكونان لوحات تفيض سحراً منقطع النظير..

ترحال بنسخته الثانية الذي يعتمد على أحدث التقنيات المسرحية الضوئية والبصرية؛ كذلك على عناصر الطبيعة ويكون فيه الأداء الاستعراضي والمسرحي المقدم خلابا ومبتكرا.. حيث يصور حكاية يضج من بين ثناياها عنصر التشويق الذي يباغت شغف المتلقي؛ فيكون كالغواص الماهر الذي يغطس في أعماق ثقافة المملكة ويلتقط من تراثها الثري الدرر النفيسة..

وحكايته تتحدث عن قصة شاب سعودي عاشق حتى النخاع لوطنه؛ حالم بمستقبل استثنائي وبطموح يزاحم السحاب له؛ يدرس في مدينة الرياض؛ ويحث الخطى بسعيه النشط إلى صنع المستقبل في خضم حزمة من التقنيات الحديثة لعصر تتسارع فيه الحضارة والمدنية؛ ليتم نحتها بأبهى صورة؛ وليكتشف عبرها ذلك الشاب التراث الثقافي والطبيعي للمملكة الذي يقطر أصالة ويفيض ثراء..

ولتلك الحكاية التي تروي لنا قصة ترحال نكهتها، كيف لا! والمتلقي تشعره بجو يتمنى أن لايخرج من كينونته.. حين تتحول الأرض والجبال إلى سرد حي يتكلم ويبوح بتلك الكلمات الرصينة الممزوجة بلغة العشق.. تلك الكلمات التي تتجلى بهيئة صور ولوحات إبداعية تعبر عن مكنونات النص وعذوبته؛ ولو أسقطنا هذا السرد على ترحال نجد أن نسخته لهذا العام تأتي امتداداً لما حققه عرضه من نجاح باهر في نسخته عام 2023م... فقد تميز بفرادة عناصره الجمالية التي تلقي الضوء على اللوحات الثقافية السعودية على اختلاف أنواعها ومن خلال الاحتفاء بها..

ومن خلال تسليط الضوء عليها كانت تشع ألقا تلك العناصر بثرائها؛ فمن الفنون الأدائية التقليدية إلى التراث الموسيقي؛ الحرف اليدوية؛ الأزياء التراثية؛ وفنون الطهي الأصيلة؛ كل ذلك عكس ثراء ثقافة المملكة وفنونها وتنوعها الكبير؛ بل وغناها الحضاري والتاريخي ذي السفر الخالد..

كما عرض محتوى فني وإسقاطات ضوئية ذات قيمة عالية تعكس ألق الثقافة السعودية؛ كما برزت التأثيرات الحسية والصوتية وعكست جماليتها على لوحات الفنون الأدائية التقليدية؛ ولابد من ذكر العروض الأدائية البهلوانية المثيرة التي تقام على المسرح.. كل ذلك ينساب بحنو على أنغام صهيل الخيل الذي يتخلل تلك المجسمات المبهرة والتي بدورها تجسد تراث المملكة وطبيعتها.. ومن الجدير ذكره الإشادة بكل الوفاء لما تسعى إليه وزارة الثقافة.. لاسيما من خلال عرض ترحال والذي قدمت من خلاله تجربة فنية استثنائية منحت الجمهور متعة جمالية غمرته بالغبطة عبر عرض مسرحي سعودي بحت بمواصفات عالمية عالية الجودة وبمشاركة أكثر من 120 موهبة سعودية مبدعة؛ بالإضافة إلى نجوم دوليين متخصصين بهكذا نوع من المسرح الاستعراضي..

كل ذلك يأتي ضمن الجهود المباركة التي تقدمها الوزارة وتبذل قصارى جهدها لتوفير أجود الخيارات الفنية والإبداعية وبمنتهى الرقي لإنتاج مادة فنية مرموقة للجمهور.. وبسعيها الحثيث هذا إنما تسهم في تعزيز مكانة المملكة وإبرازها كوجهة ثقافية متفردة بأصالة تراثها؛ كذلك تسهم في تطوير القطاع الثقافي وتعمل على تنمية إسهامه في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2023 في شتى الجوانب الثقافية وبأبهى صورة.. حيث منحت وزارة الثقافة تراث المملكة أجنحة ليحلق عالياً؛ وأهدته صوتاً بلغ صداه الآفاق.. الأمر الذي أضاف بعدا حضارياً مميزا..

ويمكن القول بمسك الختام، أن في كل مشهد من ترحال حكايةً وحياةً تُعاش بكل تفاصيلها المشوقة الطافحة دهشة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد