: آخر تحديث

أزمات جديدة لحكومة ستارمر

2
2
2

تجاوز عدد توقيعات البريطانيين على عريضة تُطالب بإجراء انتخابات عامة 810 آلاف شخص، مئات منهم من دائرة رئيس الوزراء كير ستارمر؛ وتقليدياً تُدرج لجنة العرائض البرلمانية المطلب لمناقشته في قاعة وستمنستر، الملحقة بمجلس العموم إذا بلغت التوقيعات مائة ألف.

ورغم أن نتائج التصويت على عريضة بعد مناقشتها في هذه القاعة غير ملزمة للحكومة، فإنها تُصبح موضوعاً يتناوله الإعلام، ويؤثّر على رأي عام لا يزال سلبياً تجاه ستارمر. فهو أول رئيس حكومة في تاريخ البلاد تنخفض شعبيته وشعبية حكومته بعد أيام قليلة من فوز حزبه بأغلبية كبيرة في الانتخابات، وتستمر في التردّي في استطلاعات الرأي لأكثر من عام دون أن ترتفع ولو مرة واحدة.

في اليوم نفسه، الخميس، تراجعت شعبية الحكومة العمالية إلى 18 في المائة، في حين ارتفعت شعبية حزب «الإصلاح»، بزعامة نايغل فاراج، إلى 33 في المائة بنقطتين على حساب المحافظين الذين تراجعوا إلى المركز الثالث بـ17 في المائة. الأصوات التي يفقدها العمال تتوزع بين تيارات اليسار والليبراليين، أما الكتلة الكبرى من الأصوات فتذهب لحزب يساري جديد؛ يتزعمه كل من النائبة زهراء سلطانا، وزعيم العمال السابق جيرمي كوربين (ما بين 2016 و2019)، اللذين انشقا عن الحزب ويجلسان في صفوف المعارضة. وحسب استطلاعات الرأي فإن 28 في المائة من دافعي اشتراكات حزب «العمال» (بجانب 4 من نواب الحكومة البرلمانيين) في نيتهم الالتحاق بالحزب الجديد، المُسمى (مؤقتاً) «حزبكم» (وضمير المخاطب يعود على الناخبين)، وبلغت عضويته 700 ألف، مقارنة بـ309 آلاف هم أعضاء حزب ستارمر، الذين يرى 59 في المائة منهم ضرورة تبني سياسة أكثر اتجاهاً لليسار.

وبينما كان ستارمر يعوض فقدان الشعبية ومتاعب حكومته الداخلية بنشاطه على المسرح الدولي مع زعماء أوروبا في البيت الأبيض مجتمعين بالرئيس دونالد ترمب في دبلوماسية متسارعة للتعامل مع الحرب الروسية-الأوكرانية، خسرت حكومته قضية رفعتها بلدية منطقة «إيبينغ» ضد وزارة الداخلية. القضية تُلخص أهم أسباب تناقص الشعبية، وهي فقدان الحكومة بوصلة سياسة التعامل مع آلاف من المهاجرين غير الشرعيين الذين يتوافدون بالقوارب يومياً عبر بحر المانش، ومعظمهم شباب في سن التجنيد.

حكومة ستارمر تتهم المحتجّين، أمام فنادق تؤوي المهاجرين، بـ«العنصرية»، لكنّ معظم المحتجّين من الأسر والأمهات والأطفال المتوترين من الوافدين من بيئات وثقافات غريبة على المجتمع الإنجليزي. وقد أثارت الاتهامات غضب الكثيرين من السكان غير المسيّسين، فتنامت حركة تدعو إلى رفع العلم الوطني المعروف براية الاتحاد، وعلم إنجلترا (المعروف بعلم القديس جورج) على أعمدة الكهرباء، وإشارات التنبيه والمرور وفي الأماكن العامة، ويزداد التوتر لأن المجالس البلدية تنزلها خشية استفزاز المهاجرين الملونين.

وكانت المظاهرات قد بدأت أمام فنادق إيواء المهاجرين، بعد تكرر تحرير محاضر بوليس لشباب منهم بتهمة التحرش بقاصرات من هذه المناطق. بعض المظاهرات تحوّلت لاشتباكات مع متظاهري اليسار ومع البوليس الذي يوجد بكثافة لحماية الفنادق. بلدية «إيبينغ» لجأت إلى القضاء، لأن الترخيص الذي منحته البلدية أصلاً للفندق تُحدد نشاطه في إطار توصيف الفنادق، وهي «توفير المبيت، وتقديم الوجبات والترفيه للنزلاء ليوم أو أيام محددة مقابل أجر»، ولذا فتحويل الفندق إلى بيت ضيافة لأجل غير محدد يلغي الترخيص، ما يعني إغلاق أبوابه، أو يعود إلى نشاطه الأصلي.

المحكمة فحصت الحيثيات ودوافع البلدية التي تضمنت حماية الأسر والقصر، وتجنّب أعمال الشغب التي تعقب بعض المظاهرات، فحكمت لصالح البلدية، ومنحت وزارة الداخلية مهلة 21 يوماً لإخلاء الفندق من المهاجرين. وزيرة الداخلية، إيفيت كووبر، تنوي استئناف الحكم، وزعيمة المعارضة المحافظة، كيمي بيدنوك، وزعت تعميماً على البلديات بأغلبية محافظة في مجالسها، بدعمها في رفع قضايا لإخلاء فنادق المهاجرين. عدد من البلديات، بما فيها بلديتان من الدوائر العمالية، تقدم إلى القضاء بالفعل مهددة بسحب تراخيص الفنادق أو إخلائها.

الأزمة التي تواجهها حكومة ستارمر هي عدم وجود أماكن لإيواء المهاجرين المتدفّقين يومياً، فتؤويهم في فنادق تُكلّف سبعة ملايين جنيه يومياً. القضية التي خسرتها الحكومة لا تنفصل عن تمرّد السكان الأصليين برفع الأعلام، والحركة تكتسب زخماً جديداً، ما يُهدّد بتحوّل هذا التمرّد إلى مواجهات عنيفة بين التيارات السياسية بانتقال النزاع إلى الشارع، خاصة بعد دعوة زعيم «الإصلاح»، الشعبوي فاراج، سكانَ المناطق التي رُفض فيها إيواء المهاجرين إلى المظاهرات السلمية. وبديهياً، لا يضمن من دعوا إلى المظاهرات بقاءها سلمية!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد