إيلاف من الرباط : كثّف حزب بوديموس الإسباني، ذو التوجه اليساري المتطرف، انتقاداته للمغرب، متذرعًا بوجود "فضيحة ديمقراطية" مزعومة.
وطالب الحزب، الجمعة، عقب منع السلطات المغربية دخول نواب من البرلمان الاوروبي الخميس إلى مدينة العيون (جنوب المغرب) باتخاذ الدولة الاسبانية إجراءات ضد المملكة، في موقف يعكس توجهًا سياسيًا يبتعد عن الواقعية، ويهدد بتوتير العلاقات الثنائية بين الرباط ومدريد.
ولم يقتصر خطاب الحزب على انتقاد السياسات المغربية، بل تجاوزه إلى محاولة فرض وصاية سياسية غير مبررة، عبر الادعاء بأن تفويض نوابه في البرلمان الإسباني أو الأوروبي يمنحهم "حق التدخل" في الشأن الداخلي المغربي.
تأتي هذه التصريحات في سياق حملة سياسية وإعلامية متزايدة، تُظهر رغبة الحزب في فرض رؤى أيديولوجية تتجاوز الأعراف الدبلوماسية، وتتجاهل الاعتبارات الجيوسياسية التي تحكم العلاقات بين البلدين.
في سياق هذا التصعيد، دعا الحزب إلى إعادة النظر في الاتفاقيات الزراعية بين المغرب والاتحاد الأوروبي، متجاهلًا المصالح الاقتصادية المشتركة التي تربط البلدين. كما ذهب إلى حد المطالبة بفرض إشراك جبهة البوليساريو الانفصالية في الصادرات الزراعية المغربية، وهي خطوة تثير تساؤلات حول مدى واقعية هذه الطروحات ومدى انسجامها مع قواعد التجارة الدولية.
المواقف المتشددة للحزب تعكس دعمه غير المشروط للطرح الانفصالي، نظير ما تقوم به الجزائر، في تجاهل واضح للواقع السياسي والاقتصادي للمنطقة. حيث أن ربط الصادرات المغربية بجبهة البوليساريو لا يحمل سوى رسالة واحدة، وهي محاولة إيجاد مصادر تمويل جديدة للجبهة، بما قد يؤثر على استقرار المنطقة.
توقيت هذه التصريحات يأتي في ظل تراجع واضح لشعبية "بوديموس" داخل المشهد السياسي الإسباني، مما يدفعه إلى تبني مواقف شعبوية لكسب تأييد فئات معينة، حتى وإن كانت على حساب علاقات إسبانيا الخارجية. غير أن هذا التصعيد يتناقض مع المصالح الإسبانية ذاتها، حيث تشكل العلاقة مع المغرب عنصرًا محوريًا في استقرار الضفة الغربية للبحر الأبيض المتوسط، سواء على المستوى الاقتصادي أو الأمني.
في المقابل، يواصل المغرب التعامل مع هذه الاستفزازات بواقعية سياسية، متشبثًا بسيادته ومكتسباته الاستراتيجية، من خلال دبلوماسية متزنة تعكس قوة مواقفه الإقليمية والدولية.
ويرى المراقبون أنه في ظل المصالح الاستراتيجية التي تجمع الرباط ومدريد، تبقى مثل هذه المناورات رهينة حسابات سياسية داخلية، دون أن يكون لها تأثير فعلي على مسار العلاقات بين البلدين.