خالد بن حمد المالك
في أداء الرئيس اللبناني للقسم قدَّم التزامات كثيرة، ووعد بإنجاز ما عجز عنه غيره، وقال كلاماً أسعد اللبنانيين، ونظروا إليه على أنه سوف يصلح ما أفسده غيره، وهو القادم من المؤسسة العسكرية، وغير المنتمي لأي حزب أو تنظيم.
* *
رئيس الوزراء من جانبه قدَّم لمجلس النواب خطة حكومته، وفيها ما كان يتمناه اللبنانيون، وفشلت كل الحكومات السابقة في تحقيقه، وقد اطمأن اللبنانيون على أنهم على موعد مع تحقيق ما تعذَّر تحقيقه في السابق، كون رئيس الحكومة ليس محسوباً على أي تنظيم، وتولى الرئاسة قادماً من تنظيم دولي له اعتباره.
* *
لكن اللبنانيين أصابهم الملل، فلم تُنفذ الوعود التي أطلقها كل من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وكأن ما التزما به للشعب مجرد وعود غير جادة، أو أن الرئيسين يحاولان تجنب أي حرب داخلية حتى ولو تخليا عن التزاماتهما، مفضليْن السلامة على تنفيذ الوعود.
* *
أعضاء الحكومة تم انتقاؤهم بعناية من حيث الكفاءة، والحرص على معالجة ما يئن منه لبنان من مشكلات، وجاءت الأغلبية من الأعضاء متوازنة، ومرضية للأحزاب الفاعلة في الساحة اللبنانية، وهي أيضاً رغم توافقها على سياسة الحكومة فإن الأعضاء في وضع الشريك في بقاء حال لبنان على ما هو عليه.
* *
لدى لبنان مجلس نيابي يرأسه رئيس حزب، هذا الرئيس كثيراً ما عطَّل انعقاده إذا كان سيبحث عن موضوعات ويأخذ بتوجهات لا تنسجم ورؤية حزبه والحزب الحليف، ما جعله معوقاً لكثير من القرارات المهمة في خدمة إصلاح الوضع في البلاد.
* *
أمام ذلك، لم يجرد حزب الله من سلاحه، وفقاً لما تم الاتفاق عليه مع إسرائيل لإيقاف القتال، ما أعطى الفرصة للجيش الإسرائيلي لمواصلة ضرباته على امتداد لبنان رغم الاتفاق على وقف العدوان، واحتلال أراضٍ لبنانية في جنوب لبنان، والرئيس ورئيس الحكومة يتحدثان عن ضرورة إخلاء لبنان من أي سلاح غير سلاح الجيش والأمن، ولكنهما لا يقومان بسحب السلاح من حزب الله.
* *
ولهما موقف من كشف ما خفي من أسرار عن قضية تفجير ميناء بيروت، ويعلنان أنهما سوف لن يترددا في الإعلان عن الفاعل أو الفاعلين بعد سنوات من تغييب المعلومات، ومنع المحققين من الوصول إلى نتائج، خوفاً من حزب الله حين كان بكامل قوته، ويسيطر على لبنان، ولكنهما أيضاً ما زالا في موقفهما المتردد كما هو موقفهما من سحب السلاح.
* *
هناك قضايا كثيرة معلقة غير سلاح حزب الله وتفجير ميناء بيروت لم يحسمها العهد الجديد، والمشكلة أن وقف إسرائيل لعدوانها، وانسحابها من الأراضي التي تحتلها، ودعم بناء ومساعدة لبنان، وغيرها، تعتمد كلها على سحب سلاح حزب الله وإصلاحات أخرى، وما لم يتم ذلك، فلن يكون هناك انسحاب، ولا وقف الضربات الإسرائيلية ولا مساعدات لتأهيل لبنان من الدول الأخرى.
* *
وكل يوم يمضي من الوقت، يتعقد الوضع في لبنان، ويجعله تحت القصف الإسرائيلي اليومي ويزيد من تكاليف إعادة ما هدمه العدوان، كما أن التعامل المرن مع حزب الله يجعل الحزب يستمرئ المماطلة، والتراجع عنه التزامه بتسليم السلاح، ويبقي لبنان بعيداً عن تمرير تقديم المساعدات من المانحين، ويضعه في حالة من عدم الاستقرار، وتخوّف أمام ما قد يلي ويأتي من تطورات مضرة بالبلاد.