: آخر تحديث

غزة... الموت السريري والإنعاش

4
4
4

غزة قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وبالرغم من محاذاتها لجارة الشر (إسرائيل)، كانت بلداً عامراً يعيش أهله في منازلهم ويؤدون عباداتهم في مساجدهم ويراجعون مستشفياتهم ويأكلون من مطابخهم ومطاعمهم ويذهب أهل الأعمال رجالاً ونساءً إلى أعمالهم والطلاب والطالبات إلى مدارسهم وجامعاتهم ويعود الصيادون من البحر بما رزقهم الله من صيد وفير...

كانت الأسعار في متناول الجميع، والبضائع تتدفق على القطاع بدون نقص ولا تأخير، حتى حانت ساعة الصفر الإيرانية بسواعد مغرري حماس في الجدران الإسرائيلية العازلة الرخوة، وشكل ما ارتكبه هؤلاء وبالاً على غزة وسكانها، حتى وصل بها الحال إلى الموت السريري.

كان الموت في غزة بعد السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023 متنوعاً، فردياً وجماعياً، وكمياً ونوعياً، أحياناً بالرصاص وأحياناً بقذائف المدفعية، وأحياناً بصواريخ جو - أرض، وأحياناً تصفية لفلسطيني بيد أخيه الفلسطيني، بعد أن تمكنت إيران من تفريق شملهم وتقسيمهم.

فقدت غزة أهلها بعد أن وقعت ضحية نيران القوات الإسرائيلية التي لا تفرق بين هدف عسكري أو مبنى مدني، فقصفت كل ما هو قائم في غزة، واستهدفت المخيمات والمستشفيات، في دليل واضح على تعمد إسرائيلي لقصف الأهداف المدنية المحرم استهدافها دولياً، وتحولت غزة إلى جثة هامدة، مع بعض جيوب الموت التي تدعي المقاومة، وليتها لا تفعل.

منذ عام ونيف، أصبحت غزة مقبرة لأهلها بدلاً من أن تكون مقبرة للغزاة، وما زالت قضية الرهائن الإسرائيليين لدى حماس على الصعيد الدولي سياسياً وإعلامياً أعلى صوتاً من قضية مليوني فلسطيني محاصرين في غزة، وأصبحت قضية الرهائن الإسرائيليين الذريعة الأكثر استخداماً للقضاء على ما بقي من غزة.

وركزت إسرائيل ضرباتها على المستشفيات، بالرغم من تحريم وتجريم ذلك دولياً، فدمرتها وقتلت الكوادر الطبية، وخاصة الأطباء والمسعفين، الذين كانوا الأمل الوحيد لإنقاذ مصابي ومرضى غزة، وماتت غزة موتاً سريرياً  فهل من سبيل للإنعاش والإنقاذ؟

إقرأ أيضاً: قطار الرياض والتشغيل الكامل

إنَّ الوضع في غزة مأساوي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، ومن المحزن سقوط الأطفال في أوعية إعداد الطعام الجماعية بسبب الجوع والتدافع.

الحلول الإنسانية في غزة من المفترض أن تتقدم على كافة الحلول السياسية والأمنية، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وعلى إسرائيل وحماس فض الاشتباك وإبداء جدية في المفاوضات وتجاوز العقبات التي تعيق هذه الأخيرة.

ومن ألزم الواجبات وأقصى الضروريات على المجتمع الدولي نزع فتيل الحرب في غزة، وتسريع العمل السلمي فيها، وعلى إسرائيل التوقف حالاً عن استهداف غزة والسماح بفتح باب المعونات والمساعدات الإنسانية اللازمة لدخول غزة بشكل أكبر، وعلى كافة الفصائل الفلسطينية المؤدلجة إيرانياً التخلي من هذا النهج المدمر والبحث عن مصلحة الشعب والقضية الفلسطينية.

إقرأ أيضاً: رالي داكار السعودية 2025: الرقص مع الغبار

وأصبح من الملح والملزم عقد مؤتمر دولي بخصوص غزة لتسليط الضوء أكثر على ما يعانيه سكانها من مآسي، وإيجاد الحلول العاجلة والممكنة، والأمل كبير في الدور العربي بقيادة المملكة العربية السعودية لإيقاف يد البطش الإسرائيلية وتحييد دور الفصائل الفسطينية كحماس وفق عملية سياسية فعالة بالتعاون مع كافة الأطراف الدولية الفاعلة، وعامل الوقت هام جداً، فأيّ تأخير في إنقاذ غزة لا يعني إلا مزيداً من الموت والعذاب والجوع على مدار الساعة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف