في مؤتمر عُقد يوم الخميس في التاسع من كانون الثاني (يناير) 2025 في مقر المجلس الوطني للمقاومة شمال باريس، قالت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة لهذا المجلس لفترة الانتقال، في كلمتها: "لقد كان عام 2024 مليئًا بالإخفاقات الكبيرة للنظام. شهدنا مقاطعة واسعة لانتخابات النظام المزعومة، وتصاعد المقاومة داخل السجون، وانضمام أعداد متزايدة من الشباب إلى معاقل الانتفاضة وتوسيع أنشطتهم، مما أدى إلى فقدان النظام الإيراني لتوازنه ووضعه في حالة هشة. هذه الأوضاع تذكرنا بعام 1978، الذي كان عامًا صعبًا للغاية لنظام الشاه، وأدى في النهاية إلى سقوطه في العام التالي".
وأضافت رجوي في جزء آخر من كلمتها: "ما حدث في الساحة السورية كشف عن ضعف قوات النظام. ففي اليوم الذي بدأت فيه المعارك في حلب، كان للنظام 30 قاعدة عسكرية في المنطقة، ومع ذلك، ومع بدء هجمات القوات المعارضة، انهارت قوات النظام.
وأفادت وسائل الإعلام أن 350 مقاتلًا معارضًا دخلوا حلب، بينما انسحب 30 ألف جندي من قوات النظام والقوات الموالية لإيران دون أي مقاومة، وقاموا بتدمير مواقعهم وغادروا المنطقة. وقد تكررت هذه الحالة في جميع أنحاء سوريا.
لذا، فإن ادعاء حكام إيران بأنهم لم يكن لديهم قوات في سوريا هو كذب محض. كما أن مفاجأتهم بالأحداث السورية غير صحيحة. فقد صرّح خامنئي ووزير خارجيته بأنهم قدموا لبشار الأسد معلومات عن تحركات المعارضة قبل عدة أشهر. في الواقع، يمكن القول إن سقوط بشار الأسد كان نتيجة لانهيار قوات النظام الإيراني في سوريا".
وتابعت قائلة: "هذه الأحداث لها تداعيات خطيرة على وجود النظام. حتى الآن، تعرضت هيمنة خامنئي لضربة أساسية، وتعرضت قوة فيلق القدس الإرهابية أيضًا لضربة خطيرة، وأصبح وجودها موضع تساؤل حتى بين قوات النظام نفسها.
وأدت هذه الأوضاع إلى خلق حالة من الخوف بين قوات الباسيج والحرس الثوري. وقد طلب خامنئي في خطاب علني من منشدي النظام مواجهة هذا الذعر واليأس المتفشي بينهم".
وفي هذا السياق، أشار مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي السابق، الذي شارك في المؤتمر، إلى أن النظام الإيراني الآن بلا شك في أضعف نقطة له على الإطلاق. وأضاف قائلاً: "أقول هذا بناءً على يقين بأن هذا النظام كان دائمًا ضعيفًا، ولكن الآن يمكننا جميعًا والعالم بأسره أن يرى ذلك بوضوح. لقد أصبح من الواضح أن خامنئي لا يملك أي دعاء أو أمل أو حتى حلم لتحسين رفاهية الشعب الإيراني. بل إنه لم يعد قادرًا حتى على الدفاع عن أولئك الذين كانوا على استعداد للمخاطرة بحياتهم من أجله ومن أجل نظامه الاستبدادي".
وتابع بومبيو قائلاً: "لا حاجة للتأكيد على أن الأنظمة الديكتاتورية عادة ما تواجه أحداثًا تترك تأثيرات عميقة، لكن أحداث عام 2024 في إيران كانت مختلفة تمامًا. فقد كان هذا العام مليئًا بالأزمات التي أضعفت النظام بشكل كبير، لدرجة أن النظام لم يعد قادرًا على تحويل اهتمامه عن الداخل الإيراني بسهولة. والآن، يجد النظام نفسه في حالة من الاضطراب الشديد".
السياسات المشبوهة للنظام الإيراني
السياسة التي انتهجها النظام الإيراني على مدى الـ45 عامًا الماضية كانت فريدة من نوعها ومختلفة تمامًا.
فقد كانت هذه السياسة هجومية من جميع النواحي، سواء على المستوى الداخلي أو الدولي، ويمكن القول بسهولة إنها تفتقر تمامًا لأي حس إنساني.
لقد حاولت العديد من الدول خلال هذه السنوات تحقيق تغيير في هذا النظام من خلال الخداع والأمل بإصلاحات داخلية، لكن هذه الجهود لم تكن سوى سراب. وقد أكدت المقاومة الإيرانية مرارًا وتكرارًا أن هذا النظام لن يُجري أي تغييرات، لأن قبول التغيير يعني سقوطه في الواقع. ولذلك، تم تنفيذ العديد من السياسات المشبوهة والهجومية من قِبل أشخاص يشغلون مواقع السلطة تحت مسمى "الإصلاحيين".
علاقة القمع بتصدير الإرهاب
النظام الإيراني يرتبط بعلاقة وثيقة مع شعبه تقوم على القمع القسري والمنهجي، وفي الوقت نفسه يواصل سياسة الهجوم على المنطقة وتصدير الإرهاب.
هذا ما أشارت إليه المقاومة الإيرانية مرارًا، مؤكدة أن تخلي النظام عن هذه السياسات سيؤدي بلا شك إلى انهياره. وقد أظهرت أحداث عام 2024 أن النظام الإيراني تحت ضغط واضطراب شديدين، ولذلك يسعى من خلال نشر الخوف والترهيب إلى منع أي احتجاج شعبي.
مناورة النظام لقمع الشعب
مناورة النظام الإيراني التي أُقيمت في طهران في العاشر من كانون الأول (ديسمبر) 2024، بمشاركة أكثر من 110 آلاف من ميليشيات الباسيج، تمثل مثالًا آخر على هذه السياسات.
وقد هدفت هذه المناورة، التي نُفذت بهدف بث الرعب في نفوس الشعب، إلى منعهم من أي مواجهة أو معارضة للنظام.
ولكن الشعب الإيراني، عبر تاريخه، أثبت أنه لا يستسلم لمثل هذه الضغوط. ففي أحلك الظروف وعندما يبدو النظام في أقوى حالاته، يواصل الشعب معارضته والاحتجاج ضده. ولهذا، فإن النظام الإيراني اليوم في وضع غير مستقر، وأي محاولة للحفاظ على السلطة ستؤدي في النهاية إلى سقوطه.