: آخر تحديث

غرينلاند.. فلسطين.. كوردستان!

3
4
3

عادت أخبار غرينلاند (Grønland)، أكبر جزيرة في العالم والتابعة للمملكة الدنماركية، إلى الأضواء من جديد، متصدرة عناوين الأخبار والنشرات الرئيسية العالمية والدنماركية، خاصة بعد تصريح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الذي اقترح فيه اقتناء الجزيرة وضمها إلى أميركا. وفي حال الرفض، لا يستبعد السيطرة عليها وضمها بالقوة، أي احتلالها، لتصبح ولاية أميركية.

أشار ترامب في تصريحه إلى التمييز والعنصرية البنيوية اللذين يتعرض لهما المواطن الغرينلاندي، وما تعرض له من إجحاف خلال القرن الماضي، بما في ذلك تبني الأطفال من قبل عوائل دنماركية قسراً بحجة تأهيل جيل جديد "لخلق التحضر" في غرينلاند، والتي عُرفت عند الغرينلانديين بـ"عمليات سرقة الأطفال". كما شملت هذه الممارسات إجبار النساء على عدم الإنجاب والنظرة الدونية لشعب الجزيرة.

العنصرية والتمييز
في شباط (فبراير) 2022، أقرت الأمم المتحدة بتعرض سكان غرينلاند للتمييز والعنصرية، ولا تزال النقاشات والتحقيقات مستمرة في المملكة الدانماركية حول موضوع التبني القسري لأطفال غرينلاند وإجبار النساء على عدم الإنجاب. وكشفت نتائج التحقيقات أن شعب غرينلاند تعرض للتشرد والإبعاد القسري، مما يضع مسؤولية التقصير على عاتق السلطة الدنماركية لعدم حمايتهم من التمييز.

ورغم أن شعب غرينلاند يحظى بحكم ذاتي منذ عام 1979، فإنَّ تسيير شؤون الجزيرة يقع بصورة رئيسية على عاتق المؤسسات الدنماركية، بما في ذلك القوانين الاجتماعية المعمول بها في المملكة.

الاستقلال أم الاحتلال؟
تزامن تصريح ترامب حول ضم غرينلاند إلى أميركا مع تصريح رئيس وزراء غرينلاند، موتي إيجيدي، وفيه طالب بالاستقلال عن الدنمارك بحجة التحرر من أغلال الاستعمار المفروضة على غرينلاند.

تمتلك الولايات المتحدة قاعدة جوية كبيرة في غرينلاند تضم رادار إنذار مبكراً يُستخدم لاكتشاف الصواريخ الموجهة إليها، إضافة إلى مشاريع أميركية سرية. لكن أميركا تطمح لضم الجزيرة لأسباب عدة، منها غناها بالثروات الطبيعية كالنفط والغاز والمعادن النادرة والثمينة مثل الذهب والألماس واليورانيوم والزنك والرصاص.

كما أنَّ موقع الجزيرة يجعلها محورية في منع أي هجوم صاروخي من روسيا أو الصين، إلى جانب تمكين أميركا من إطلاق الصواريخ بسهولة باتجاه آسيا وأوروبا.

ضجة قديمة جديدة
إنَّ الضجة التي أثارها ترامب بضم غرينلاند بالقوة والدفاع عن شعب الجزيرة بحجة تعرضه للتمييز العنصري ليست جديدة، بل تعكس طموحات (أميركية قديمة*) ذات أبعاد اقتصادية أكثر من كونها سياسية.

هدف ترامب الحقيقي هو تحقيق منافع اقتصادية لبلاده، فالولايات المتحدة لا تدافع عن شعب غرينلاند، ولا عن الشعب الفلسطيني أو الكوردي، أو أي شعب آخر يستحق العيش بحرية.

أخيراً أقول: إذا كانت أميركا صادقة في ادعائها الوقوف مع الشعوب المضطهدة، فلماذا لا تقف مع حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره؟ لماذا لا تندد بمجازر الدولة الإسرائيلية في غزة؟ ولماذا وقفت ضد استفتاء إقليم كوردستان في أيلول (سبتمبر) 2017؟

كما أن الولايات المتحدة تغض الطرف عن جرائم الإبادة التي ترتكبها تركيا بحق الشعب الكوردي والشعوب الأخرى في المنطقة.

شعارات ترامب مثل "أميركا أولاً" و"لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" تكشف عن أنه لا يفكر إلا بمصلحتها التوسعية.

نعم لحق الشعوب في تقرير مصيرها واستقلالها. لا لأطماع ترامب التوسعية.


* في عام 1946، عرضت الولايات المتحدة الأميركية على الدنمارك 100 مليون دولار مقابل شراء غرينلاند. وفي 2019، طرح دونالد ترامب خلال ولايته الرئاسية الأولى فكرة اقتناء غرينلاند. وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال"، طلب ترامب من مساعديه متابعة موضوع شراء الجزيرة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في كتَّاب إيلاف