: آخر تحديث
إحياء الإرث الروحي في موقع عمّاد المسيح التاريخي

ولادة جديدة لشرق نهر الأردن: تدشين كنيسة معمودية المسيح الكاثوليكية اللاتينية

3
3
3

إيلاف من بيروت: على ضفاف نهر الأردن الشرقية، حيث يُعتقد أن المسيح تعمّد على يد يوحنا المعمدان، يبرز موقع المغطس كواحد من أهم المعالم الدينية والتاريخية في العالم. هذا الموقع الذي شهد انطلاق الدعوة المسيحية منذ ألفي عام، لا يزال رمزًا للسلام والمحبة، ووجهة روحية تجمع المؤمنين من مختلف الطوائف.

وفي خطوة تُعيد تسليط الضوء على هذا الموقع المقدس، جاء تدشين كنيسة معمودية المسيح الكاثوليكية اللاتينية ليكرّس رسالة المغطس كرمز للسلام والتسامح الديني. هذا الحدث الكبير يعكس دور الأردن، ليس فقط كجزء من الأرض المقدسة، بل كجسر يربط بين الماضي العريق والحاضر الذي ينبض بالتعايش والتآخي.

الكنيسة، التي تمثل رمزًا جديدًا للسلام والمحبة، تمتد على مساحة تقارب 1800 متر مربع، لتكون واحدة من أكبر الكنائس الكاثوليكية في الشرق الأوسط.

وجاء هذا التدشين بعد 15 عامًا من مباركة حجر الأساس للكنيسة، ما يجعلها أيقونة روحية ومعمارية تعكس عمق التراث المسيحي المرتبط بهذا الموقع المقدس.

المغطس: مركز روحي عالمي
يحمل موقع المغطس مكانة تاريخية ودينية استثنائية، حيث يُعدّ الموقع الذي شهد انطلاق الدعوة المسيحية بعد تعميد المسيح على يد يوحنا المعمدان قبل نحو ألفي عام. وبالنسبة للمسيحيين حول العالم، يمثل المغطس أحد أكثر المواقع قداسة، كونه المكان الذي بدأ فيه المسيح رسالته.

وقد حظي الموقع باهتمام عالمي منذ زيارة البابا يوحنا بولس الثاني إلى الأردن في عام 2000، والتي أطلق خلالها رحلة الحج المسيحي إلى المغطس. تكررت الزيارات الباباوية بعد ذلك، حيث أعلن البابا بندكتس السادس عشر في عام 2009 أن المغطس هو الموقع الحقيقي لعمّاد المسيح، وقام بمباركة حجر الأساس لكنيسة المعمودية. وفي عام 2010، اعتمد الفاتيكان المغطس رسميًا كموقع للحج المسيحي، إلى جانب مواقع أخرى في الأردن مثل جبل نيبو ومكاور وتل مار إلياس.

رسالة سلام من الأردن
أكدت وزيرة السياحة والآثار الأردنية، لينا عنّاب، أهمية هذا الحدث باعتباره رسالة سلام ومحبة تنبع من قلب الأردن إلى العالم. وقالت لموقع CNN بالعربية: "الكنيسة ليست مجرد بناء معماري، بل هي رمز للسلام والتعايش في الأردن، حيث يجتمع المسلمون والمسيحيون في وحدة تنبض بالمحبة والتسامح".

كما شدّد سفير الفاتيكان في الأردن، جوفاني بيترو دالتوزو، على أهمية هذا الحدث، حيث قال إن تدشين الكنيسة يعكس عمق الروابط بين الأردن والفاتيكان، مشيرًا إلى أن إرسال البابا فرنسيس لمبعوثه الشخصي، الكاردينال بييترو بارولين، لترؤس الاحتفال يؤكد على مكانة الحدث. وأضاف: "يتزامن هذا التدشين مع مرور 25 عامًا على بدء الحج المسيحي إلى المغطس، مما يمثل تجديدًا لمعاني المعمودية التي ابتدأت هنا."

الأردن: جزء من الأرض المقدسة
وصف الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي في عمّان والمتحدث الرسمي باسم التدشين، الحدث بأنه لحظة فخر وطنية. وقال: "إنه لشرف كبير أن يكون الأردن، مسلمين ومسيحيين، جزءًا من هذه الأرض المقدسة التي انطلقت منها الرسائل السماوية". وأكد أن هذا التدشين يعكس رسالة الأردن كموطن للتعايش والتآخي بين الأديان.

أيقونة معمارية بأيدٍ أردنية
من الجانب الهندسي، أوضح المهندس أسامة مدانات من اللجنة الهندسية المشرفة على المشروع أن بناء الكنيسة تم بسواعد أردنية بالكامل، مع استخدام مواد محلية مثل الحجر والرخام. وأضاف أن الكنيسة تضم لوحات فسيفسائية مميزة تُبرز الطابع التراثي للأردن.

وأشار مدانات إلى أن الكنيسة صُممت لتلبية احتياجات الحجاج والزوار المسيحيين وطلاب اللاهوت، مما يجعلها مركزًا روحيًا وثقافيًا يخدم الأجيال القادمة.

موروث روحي وثقافي
يجسد تدشين كنيسة معمودية المسيح الكاثوليكية اللاتينية في المغطس رؤية تجمع بين العمق الروحي والتراث الثقافي للأردن. هذا الحدث لا يمثل فقط تعزيزًا للمكانة الدينية للمغطس، بل هو أيضًا شهادة على التعايش السلمي الذي يميز المجتمع الأردني. مع استمرار الحج المسيحي إلى هذا الموقع، يظل المغطس شاهدًا على رسالة السلام والمحبة التي بدأت هنا قبل ألفي عام.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات