: آخر تحديث
قصيدة

جليل إبراهيم المندلاوي: إعلان بيع وطن

3
2
3

وطنٌ للبيع…
من ذا يشتري منّا الوطن؟
فيه خيراتٌ وفيرة
وكنوزٌ لا تُقدَّر بثمن
لا تُغيث الشعبَ أيّامَ المحن

وينابيعُ وأنهارٌ غزيرة
ترتوي منها بساتينُ
لجيرانٍ يُحبّون الفتن

يَشتري إن شاء نقدًا
أو يُقايَضْه ببغلٍ أو حمار
أو إذا شاء حصيرة

فليقايضْنا بقلبٍ مطمئن
أو يشاركْ في مزادٍ
سيُقام في العلن
سوف نُعلنْ فيه نحنُ الشعب
عن بيعِ الوطن

******
يا تُرى.. من الذي سيشتري هذا الوطن
دون قيدٍ، دون شرطٍ مُمْتَهَن؟
فهو من أصلٍ فريد
ليس يشبهه وطن

حيث فيه تنتهي
كلُّ أعاجيبِ الزمن
كلُّ شيءٍ فيه ممزوجٌ
بحزنٍ وشجن

فيه قلبُ الأم مكسورٌ جريح
فيه لصٌّ يسرقُ العكّاز
من طفلٍ كسيح

وحقيرٌ يسلب الضحكات
حتى يستريح
ويعيش فيه شعبٌ خانع
جدًّا… مريح

وشقيٌّ يرتقي كرسيَّ حكمٍ
ودماءً يستبيح
لا يُميّز بين إنسانٍ نقيّ
أو عَفِن

******
باسم هذا الشعب نمضي للمراد
فالذي يرغبُ من كلّ العباد
في بقاع الأرض، من أيّ بلاد
أن يشارك دون شرطٍ في المزاد

فعلى الله القويّ أولًا فليستعن
وعليه ثانيًا دفعُ الثمن

فالذي يدفع نقدًا
بسخاءٍ وحميّة
سوف يحظى بصكوكِ الملكيّة
وعليها خاتمُ المفوضيّة

من يزيد؟ واحد… اثنان… ثم ثالث
هل من مزيد؟

ذاك يعطي رأسَ شيعيٍّ مُعفَّر
هل هناك من يزيد؟

وهنا يدفع رأسًا لفتىً
سنّيٍّ أغبر
ثم يأتي من يزيد
حاملًا سيفًا غبيًّا من جليد

حيث يبدو أنّه
قد جاء من غير زمن
صاح قائلًا: خذوا… تفضّلوا
هذه النقودُ الذهبيّة

وعليها رأسُ سنّيٍّ وشيعيّ
وأنثى صابئيّة
وجوارٍ من نساءِ الإيزيديّة

وعلى كيس النقود الذهبيّة
قد وَضعت رأسُ راهبٍ مسيحيّ
هديّة

******
عجبًا.. ماذا تغيّر؟
تشتري منّا الوطن
دون أن تمنحنا
أيَّ كفن

فتذكّر
أنّ هاذي صفقةٌ لن تتكرّر
فعلى مهلٍ تفكّر

وتذكّر
أنّ هذا الشعب
لن يصبر أكثر

حيث ملّ الوعد
من كلّ سُلطانٍ تجبّر
وتذكّر ما رآه
من بلايا وفتن

حيث ساعاتُ الزمان قد قَسَن
والرزايا أصبحت في صدره
مثل السنن

فالرزيّةُ بعدَها تأتي رزيّة
والبليّة… إنّنا نعرف أنّ
ذنبَ تدنيسِ العذارى
وذنبَ إهراقِ دماءِ
المسلمين والنصارى

في رقابِ “السرسريّة”
الذين مزّقوا حتى الهويّة
والذين ضيّعوا أصلَ القضيّة

فعلى مهلٍ تفكّر وتذكّر إنّ هذا الشعب حقًّا سوف لن يصبر أكثر

وتأكّد
أنّه لن يتبطّر
فهو لا يملك شيئًا
كيف يخسر؟
سوف يعطيك الوطن
دون ثمن
حين تعطيه.. كفن

******

تنويه: ليس هذا نصًّا للزينة، ولا قصيدة للترفيه. إنه إعلان ساخر كُتب بمداد الغضب، حين يتحوّل الوطن "أي وطن" إلى سلعة، والإنسان إلى رقم، والدم إلى عملة في سوق السياسة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات