إيلاف من الرباط : أطلقت أكاديمية المملكة المغربية مشروع "أنطولوجيا: من عيون دواوين الملحون"، بهدف حفظ التراث الثقافي المغربي وتعزيز هويته الوطنية، تنفيذا لتوجيهات الملك محمد السادس الداعية إلى جمع وتصنيف وإعادة تقديم فن الملحون باعتباره أحد أعمدة التراث اللامادي المغربي.
جاء ذلك، إثر احتفالها، جرت الثلاثاء، بالذكرى السنوية الأولى لاعتماد الملحون كتراث إنساني لا مادي من قِبل منظمة اليونسكو، حيث تم تقديم "أنطولوجيا الملحون"، والتي تشكل أول أنطولوجيا للملحون بمواصفات عالمية، ومقاطع من شريط وثائقي يُعرض لأول مرة بجودة عالية، بالإضافة إلى عروض تقنية وأدبية وموسيقية، مع زيارة استوديو الأكاديمية لاستكمال هذه التجربة الثقافية المميزة.
وتشكل "أنطولوجيا الملحون" وعي مغربي بما يحمله هذا الفن من غنى في صوره وتغيراته ولغته الفنية الراقية التي تختزن قيمًا وطنية ودينية واجتماعية وإنسانية. وتسعى "أنطولوجيا الملحون" إلى حماية التراث من الاندثار، عبر توثيق نصوص الملحون القديمة والحديثة لضمان بقائها للأجيال المقبلة. وإبراز القيمة الأدبية والفنية له برؤية معاصرة تسلط الضوء على جمالياته وتاريخه، مع تعزيز البحث الأكاديمي حول فن الملحون وإتاحة مواد موثوقة للباحثين، من خلال تجميع النصوص وتحليلها وتصنيفها وفق منهجيات علمية.
من جهته، وصف الباحث المتخصص في فن الملحون، عبد المجيد فنيش، هذا المشروع بأنه "نقلة نوعية" في جهود حماية التراث المغربي. وقال في تصريح صحافي ، إن "إطلاق أنطولوجيا الملحون يمثل لحظة فارقة في مسار توثيق وحماية هذا الفن العريق"، مشيرا إلى أن "الملحون ليس مجرد شعر غنائي، بل هو سجل تاريخي يحمل في طياته ملامح المجتمع المغربي وتحولاته الثقافية والاجتماعية". وطالب بربط هذا المشروع ببرامج تعليمية وثقافية لتعريف الأجيال القادمة بقيمة الملحون.
ويتضمن مشروع الأنطولوجيا إصدار سلسلة من المؤلفات التي تجمع نصوصًا مختارة مصنفة حسب المواضيع والحقب الزمنية. كما يتضمن المشروع دراسات تحليلية تُبرز تطور الملحون عبر التاريخ وأساليبه الفنية.
وسترافق هذه الإصدارات أنشطة ثقافية متنوعة، من بينها أمسيات شعرية وحفلات موسيقية لإحياء هذا الفن وتعزيز حضوره.
وتأتي هذه المبادرة في وقت يواجه فيه التراث اللامادي تحديات عدة بسبب التحولات الاجتماعية والتكنولوجية. لذا، تمثل "أنطولوجيا الملحون" جسرًا يربط بين الماضي والحاضر، ما يضمن استمرارية هذا الفن كجزء من الهوية المغربية.
وتؤكد "أنطولوجيا الملحون" على التزام المغرب بحماية تراثه الثقافي والارتقاء به ليظل جزءًا حيًا من الهوية الوطنية.
ويعد فن الملحون، الذي يمتد بجذوره العميقة في التاريخ المغربي، أحد أبرز أشكال التعبير الشعبي. ويتميز هذا الفن بمزجه بين الشعر والغناء والحكاية، متناولاً قضايا اجتماعية وثقافية برؤية إبداعية.وقد ساهم على مر العصور في الحفاظ على الذاكرة الجماعية ونقل القيم والعادات عبر الأجيال.