من يقرأ المقال الصادر عن الكاتب مايكل نايتس، الباحث في معهد الشرق الأدنى في الولايات المتحدة الأمريكية، بعنوان ("فضيحة ووترغيت" في العراق وتداعياتها على العلاقات مع الولايات المتحدة)، سيجد ثلاث نقاط أساسية:
أولاً: إن بعض المراكز البحثية التي تتلقى دعمًا من أطراف مدعومة من الكيان الإسرائيلي تهدف إلى تشويه صورة الحكم والسلطة في الشرق الأوسط، ومنها النظام الديمقراطي في العراق الذي واجه تحديات كبيرة، والآن يعيش مرحلة استقرار تؤسس لدولة فعالة وقادرة على النهوض ومواجهة الأزمات بقدراتها الوطنية. وهذه المجموعات ما زالت مستمرة في محاربة الدولة العراقية، حكومة وشعبًا. إلقاء المعلومات الكاذبة على الحكومة العراقية من قبل الكاتب ليس جديدًا، بل هو مستمر في العديد من المقالات والأبحاث التي تحاول تبديد كل الجهود الوطنية العراقية في بناء القوات المسلحة العراقية وتعزيز قدرة الجهاز الحكومي للعودة إلى العمل والإنتاج والخدمة العامة.
ثانيًا: ما يدعو إليه الكاتب واضح، وهو انهيار العلاقة بين الحكومة الأمريكية والعراقية لما فيه مصلحة شخصية له، وليس حرصًا على مصلحة البلدين وشعبيهما.
إلا أن العلاقة الاستراتيجية بين العراق والولايات المتحدة لا تتأثر بهذا النوع من الكتابات والآراء التي تكتب، ولا تحمل مصلحة للشعب العراقي أو الأمريكي، سوى إثارة أحداث وربط معلومات غير مكتملة في محاولة لإرسال رسائل سلبية للمجتمع. خصوصًا وأن هذه المعلومات استُقيت من العديد من الشخصيات المعارضة لحكومة الأستاذ محمد شياع السوداني، رئيس الوزراء العراقي، والتي تشكلت في مرحلة صعبة من تاريخ البلاد عبر ائتلاف إدارة الدولة، الممثل لكل مكونات المجتمع العراقي بكل أطيافه السياسية.
ثالثًا: الكاتب يرسخ حقيقة أن هناك العديد من المعلومات المضللة التي تتدفق إلى كتاب وباحثين يسعون إلى تشويه صورة الاستقرار والتنمية في العراق. وكل بلد يواجه نوعًا معينًا من الأزمات والمشاكل، لكننا لم نر يومًا أن تناولها يجري على شاكلة هذه المقالة من قبل الكاتب.
ولذلك، نود أن نبين الآتي:
1- ما ورد في مقالة الكاتب غير صحيح جملة وتفصيلًا، إذ أن الحكومة العراقية، منذ الساعات الأولى للاتهام الموجه إلى موظف في مكتب رئيس مجلس الوزراء، قامت برفع يده وأحالته إلى التحقيق وفقًا لقانون انضباط موظفي الدولة والقطاع العام المعدل. وقد صدر هذا ببيان من الحكومة العراقية إلى الشعب العراقي والرأي العام، وهذه الشفافية الحكومية لعبت دورًا في إصدار البيانات الثلاثة من الحكومة العراقية لبيان الحقائق ومنع الأقاويل، والتأسيس للسياق القانوني والإداري في معالجة مثل هذه التحديات التي توجد في كل الأجهزة الحكومية في العالم، وكلٌّ حسب صورته.
2- قضية التنصت التي أُثيرت غير صحيحة ومبالغ فيها، بشهادة العديد من النواب من جميع الكتل السياسية في البرلمان. ولأول مرة يتفقون حول تحدٍ يواجه الجهاز الحكومي ويتم تشخيصه بهذه الصورة. وهذا ما نُشر على منصة (X) من قبل أغلب السادة النواب عبر حساباتهم الشخصية أو المكاتب الإعلامية من جميع الكتل في البرلمان العراقي. وهذا شيء غير معهود منذ 20 عامًا على النظام الديمقراطي في البلاد. ولذلك، قضية التنصت مرفوضة من قواعد العمل الحكومي وقانون الخدمة المدنية، ويُعاقب عليها في حال وجودها وبشكل مشدد وفقًا لقانون انضباط الموظفين في الجهاز الحكومي المعدل. وبناءً على هذا، تم عزل الموظف ورفع يده عن العمل لمدة 60 يومًا، وفقًا لنص المواد القانونية التي تلزم قيادة الجهاز الحكومي باتباعها لمواجهة تحديات العمل الحكومي. ما حصل من قبل الموظف يتم التحقيق فيه، ونتائج التحقيق ستُكشف بعد المصادقة عليها وفقًا لسياق العمل الإداري والقانوني لمواجهة أي حالة ابتزاز أو استخدام للصلاحيات بصورة شخصية وبدون توجيه إداري، وكذلك استخدام أرقام شخصية لمراسلة السادة النواب في البرلمان العراقي وشخصيات سياسية، وهو ما يعاقب عليه القانون النافذ.
3- علاقة جمهورية العراق والولايات المتحدة الأمريكية هي علاقات متميزة وفعالة، وتدار في ضوء المصالح الوطنية المشتركة ومرجعية الدستور العراقي الدائم واتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين جمهورية العراق والولايات المتحدة الأمريكية والمصادق عليها برلمانيًا. وما زالت اللجان المشتركة بين البلدين مستمرة في العمل المشترك لتطوير وتعزيز العلاقات العراقية - الأمريكية بصورة فعالة، ونقلها نحو مسار شامل.
4- مسألة المناصب السيادية وإدارة القطاع الأمني هي شأن مرتبط بالمنهاج الحكومي والسياسات العامة لقطاع الأمن والدفاع، خصوصًا في القطاع الاستخباري، الذي هو قطاع خاضع للحوكمة بصورة تامة وفقًا لقيم النظام الديمقراطي وروح الدستور العراقي. وخصوصًا أن الحكومة العراقية في عهد رئيس الوزراء الأستاذ محمد شياع السوداني قد وقفت أمام آلة التنصت التي كانت منتشرة في القصور الرئاسية، واستطاعت السيطرة عليها وإنهاء فعالياتها في الأيام الأولى من عمر الحكومة العراقية في نهاية شهر تشرين الأول وتشرين الثاني لعام 2022. ويشهد كل موظفي مكتب رئيس مجلس الوزراء هذا التحول الذي حصل بعد رفع أجهزة التنصت من الغرف الأساسية في القصر.
5- هناك التزام عالٍ بالدستور العراقي من قبل رئيس الحكومة العراقية، وهو يؤكد دائمًا على تطبيقه. الدستور يشير إلى أن الجهاز الحكومي يجب أن يحفظ صورة الدولة العراقية وقيم المجتمع العراقي العريق. وأي عملية تنصت يجب أن تنطلق من الدستور العراقي الدائم لعام 2005، مع الالتزام بوجود أمر قضائي صادر عن القضاة المختصين. كما أن أي تفويض لا يُمنح إلا بمراقبة ومساءلة من قبل قيادة الجهاز الاستخباري الوطني في المجتمع الاستخباري العراقي، ولمدة محددة وفقًا للقضية الأمنية وجمع خيوط الجرائم، ولم يُسجل رسميًا حتى الآن.
6- إن كل ما ورد في المقالة من أسماء نكنّ لها كل الاحترام والتقدير في عملها ضمن الجهاز الحكومي العراقي، وهذا ما يتطلب منا الإشادة بدورها في ظل التحديات التي واجهتها في قيادة المهام المكلفة بها.
7- محاولات التشويه في صورة الأجهزة الاستخبارية العراقية الوطنية ليست جديدة، بل أصبحت معروفة لدى الشعب العراقي، الذي يقف مع قواته الأمنية في مواجهة الإرهاب ودعم الاستقرار وإجراءات فرض القانون.
إذن، مما تقدم، سيبقى ما كُتب في بعض مراكز الأبحاث التي لابد أن تركز على النوعية والجودة والتأثير والحقائق. فالمقال هو نفع للمجتمع والمواطن والدولة، ولكن عندما تتحول سطور الأبحاث ومواقعها الإلكترونية إلى مجرد "قال"، فهذا هو التحدي أمام الرأي العام الذي يفتقد إلى "الحقائق" والأدلة، ويعتمد على ما يُقال هنا وهناك.