إيلاف من الرباط: في وقت ترتفع فيه أصوات الهيئات الممثلة للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة في المغرب احتجاجاً على ما تعتبره حرماناً من حقها القانوني في نسبة 20% من الصفقات العمومية المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية ، نادية فتاح العلوي، أن هذه المقاولات حصلت خلال سنة 2024 على 32% من مجمل الصفقات.
ويأتي هذا الجدل في سياق أزمات متتالية، أثقلت كاهل أغلب المقاولات في المغرب، منها ما يتعلق بتداعيات جائحة كورونا والجفاف وموجة التضخم، ما أدى إلى إفلاس عشرات الآلاف منها، في حين تعرضت أخرى للحجز على معداتها وسجلاتها التجارية وحتى حساباتها البنكية، نتيجة تعثرها في أداء الضرائب والمساهمات الاجتماعية.
ودخل البرلمان على خط هذه الأزمة عبر مساءلة وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، حول سبل تسهيل ولوج هذه المقاولات إلى التمويل، في ظل توجس البنوك التجارية من مخاطر عجزها عن السداد.
وفي جوابها الكتابي، شددت الوزيرة على أن المقاولات الصغيرة والمتوسطة تشكل "عماداً أساسياً للنسيج الاقتصادي الوطني، حيث تمثل أكثر من 90% من مجموع المقاولات المعتمدة في المملكة المغربية، وتلعب دوراً محورياً في خلق فرص العمل وتعزيز التنمية المحلية"، مشيرة إلى اتخاذ الحكومة لعدد من التدابير لدعم هذه الفئة ورفع تنافسيتها، من بينها “صندوق إينوف إنفيست” الذي رُصد له 500 مليون درهم (حوالي 50 مليون دولار) لدعم المقاولات الناشئة وحاملي المشاريع المبتكرة.
ومنذ إطلاق هذا الصندوق عام 2017، تقول وزيرة الاقتصاد والمالية، "ساهم الصندوق في تمويل أكثر من 500 شركة ناشئة مغربية، كما أُطلق موقع إلكتروني خاص لتجميع عروض التمويل الموجهة للابتكار".
وذكرت الوزير فتاح، في جوابها، بإطلاق جيل جديد من أدوات التمويل والدعم، خلال السنة الماضية 2024، استهدف تمويل 800 شركة ناشئة خلال خمس سنوات. وأضافت "تعمل الحكومة على تطوير آليات بديلة للتمويل، مثل التمويل التشاركي (Crowdfunding) والتمويل الإسلامي، لتوسيع آفاق الدعم أمام المقاولات الصغرى والمتوسطة".
وتعود أزمة المقاولات، بحسب رأي الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، إلى سببين رئيسيين: أولهما عدم تمتيع هذه المقاولات بحقها المنصوص عليه قانونياً في الصفقات العمومية منذ أزيد من 12 سنة. وغياب بنك وطني متخصص في تمويل هذا الصنف من المقاولات، في ظل تحفظ البنوك التجارية عن المخاطرة.
وترى الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة أن واقع المقاولات الصغيرة والمتوسطة لا يعكس بعد التوجهات الرسمية، معتبرة أن غياب مراسيم تطبيقية للقوانين المعنية بالصفقات العمومية يعيق تفعيل الاستفادة المقررة قانونياً، ويعمق معاناتها في سوق تتسم بحدة المنافسة وصعوبة النفاذ إلى التمويل.