: آخر تحديث

النقلة النوعية في العلاقات السعودية الأمريكية!

1
1
1

محمد بن عيسى الكنعان

الزمان يوم الثلاثاء 18 نوفمبر 2025م، المكان البيت الأبيض في واشنطن العاصمة الأمريكية، الحدث: الزيارة التاريخية لرجل الشرق الأوسط الكبير صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء، الذي حظي باستقبال استثنائي من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، تمت فيه مراسم غير تقليدية، وغير اعتيادية من ناحية البروتوكول الأمريكي في استقبال رؤساء الدول أو قادتها.

ذلك الحضور المهيب، والاستقبال الاستثنائي يحمل دلالة واضحة لا تقبل الجدل أو النقاش، في حقيقة الإدراك الأمريكي لأهمية المملكة العربية السعودية وفاعلية المزايا والخصائص التي تتمتع بها على مستوى العالم، وهي المكانة العالمية، والثقة الدولية، والقوة الإقليمية، والقدرة الذاتية.

هذه الزيارة التاريخية بكل تفاصيل برنامجها، وتعدد لقاءاتها، ونوعية مخرجاتها تؤكد عدة مسائل رئيسة ترتبط بشكل مباشر بتلك المزايا والخصائص السعودية، وهي مسائل على غاية من الأهمية لدى المستضيف الأمريكي تجاه الضيف السعودي الكبير.

أبرزها وأهمها أن السعودية هي المحور الرئيس للشرق الأوسط، والدولة التي تملك مفاتيح الحل لأزماته ومشكلاته، والدولة الأكثر تأثيرًا في محيطها العربي، ونطاقها الإقليمي، بدلالة دورها الإيجابي في التحولات الكبرى التي تعيشها المنطقة كما حدث في سوريا، فضلًا عن مكانتها الدينية في العالم الإسلامي، وعضويتها في مجموعة العشرين (الدول الأكثر إسهامًا في الاقتصاد العالمي)، إلى جانب ذلك فإن الولايات المتحدة تُدرك أن السعودية وسيط مهم في النزاعات والصراعات الإقليمية والدولية، وهذا لا شك ينسجم مع توجهات السياسة الأمريكية - وإدارة ترامب تحديدًا - نحو إطفاء نيران الحروب والنزاعات الدولية. كما يُدرك الأمريكان قبل غيرهم أن السعودية فاعل رئيس ودولة قيادية بالنسبة لملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بدلالة أنها استطاعت حشد أكثر من 159 دولة للاعتراف بفلسطين، كما كانت صاحب الكلمة الفصل في منع تهجير الفلسطينيين من غزة، ما دفع الإدارة الأمريكية إلى البحث عن حلول أخرى لإيقاف حرب غزة.

أضف إلى ذلك ثقلها الاقتصادي بكونها اللاعب الرئيس في أسواق الطاقة العالمية، وهي الدولة التي تملك القدرة على إنقاذ هذه الأسواق والاقتصاد الدولي عمومًا في حال التراجعات النفطية لدى بعض دول (أوبك). كما أن السعودية من الدول المحورية في مكافحة الإرهاب إقليميًا وعالميًا، خاصةً بامتلاكها لخبرات متراكمة في مكافحته؛ لهذا تعي الإدارة الأمريكية - في عهد ترامب بالذات - أنه من الأمور الواجب العمل عليها بشكل أساسي هو تطوير العلاقات السعودية الأمريكية، وإحداث نقلة نوعية في مساراتها، خاصةً في ظل وجود رجل استثنائي كصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان (يحفظه الله).

لقد بدأت العلاقات السعودية الأمريكية عام 1933م، وتأسست بشراكة استراتيجية عام 1945م بذلك اللقاء التاريخي الذي جمع الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، وترسخت على مدار 72 عامًا تقريبًا بعهود الملوك (سعود، وفيصل، وخالد، وفهد، وعبد الله) يرحمهم الله، على الرغم من حالات توتر وفتور انتابتها في مسيرتها، خصوصًا خلال رئاستي باراك أوباما وجو بايدن.

أما اليوم في عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهد محمد بن سلمان -يحفظهما الله- فهذه العلاقات تشهد نقلة نوعية في الشراكة الاستراتيجية والتحالف القوي بالاتفاقيات والاستثمارات المتبادلة، كان عرّابها وصانع تفاصيلها ضيف البيت الأبيض الكبير، حيث تم توقيع عدة اتفاقيات تعكس هذه النقلة، أبرزها -حسب وكالة (واس)- اتفاقية الدفاع الإستراتيجية، والاتفاق على البيان المشترك لاستكمال المفاوضات بشأن التعاون في الطاقة النووية للأغراض المدنية (السلمية)، خاصةً وأن المملكة قطعت شوطًا طويلًا في هذا المجال من حيث الترتيبات والتوجهات، وتوقيع الشراكة الإستراتيجية للذكاء الاصطناعي، وتوقيع الإطار الإستراتيجي للشراكة في تأمين سلاسل الإمداد لليورانيوم والمعادن، وتوقيع اتفاقية تسهيل إجراءات تسريع الاستثمارات السعودية، وتوقيع ترتيبات الشراكة المالية والاقتصادية من أجل الازدهار الاقتصادي، وتوقيع الترتيبات المتعلقة بالتعاون في قطاع هيئات الأسواق المالية، وتوقيع مذكرة تفاهم في مجال التعليم والتدريب، وتوقيع مذكرة الرسائل المتعلقة بمعايير سلامة المركبات، وغيرها. ناهيك عن تصريح الرئيس الأمريكي خلال مأدبة العشاء عندما قال عن المملكة العربية السعودية حليف رئيس خارج حلف الناتو. وكذلك موافقته على بيع طائرات (F-35) سيدة الأجواء والأكثر تطورًا على مستوى العالم للمملكة.

أضف إلى كل ذلك حكمة السياسة السعودية في التعامل مع ملف (الاتفاقيات الإبراهيمية)، من خلال حديث صاحب السمو ولي العهد بشأن هذه الاتفاقيات، وربطها بمسار واضح لحل الدولتين، ما يؤكد على أن السعودية لا تبيع مبادئها، ولا تترك قضايا الأمة العربية والإسلامية. بل مواقفها شريفة وواضحة وراسخة، وعلاقاتها بالدول الكبرى متينة ومتبادلة من حيث الفرص والاستثمارات.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد