تمثّل دولة الإمارات العربية المتحدة، وبشهادة مؤسسات دولية محايدة، نموذجاً للاعتدال والتعايش، وهذا يتعارض مع أيديولوجيات بعض الجماعات أو الدول التي تتبنى خطابات متطرفة أو تحريضية، مما يضع الإمارات هدفاً في مرمى حملات تشويه مقصودة، وفي مقدمة هذه الجهات بطبيعة الحال «جماعة الإخوان المسلمين» المصنفة منظمة إرهابية في أغلب بلدان العالم، وحتى الولايات المتحدة الأميركية تدرس الآن بجدية اتخاذ قرار تصنيفها منظمة أجنبية إرهابية.
يبقى السؤال المنطقي: ما هي دوافع تلك الدول أو الجهات لاستهداف الإمارات العربية المتحدة؟
فبينما ترى بعض الدول والمنظمات أن الإمارات تدافع عن مصالحها الحيوية في الإقليم مثلها مثل أي دولة أخرى وتعمل على تحقيق الاستقرار، يرى آخرون أن هذا الدور يشكل تهديداً لأطماعهم ونفوذهم في المنطقة.
ربما كما أعتقد أن قوة مركز دولة الإمارات وسياستها الخارجية الذكية بمدّ جسور التعاون السياسي والأمني والاقتصادي مع الأقطاب الدولية الفاعلة قد أثار غيرتهم وخوفهم من المنافسة، لأنهم لا يفرّقون بين حق الدول في المنافسة وهو حق طبيعي لكل دولة تسعى إلى تعظيم مصالحها، وبين التنافس والصراع، وهذه حالة غير صحية، مما يخلق لديهم وهم التهديد لمصالحهم. فالإمارات لا تزاحم أحداً، بل تنشد الاستقرار والسلم لأنها تمثل نموذجاً تنموياً واقتصادياً ناجحاً، فلن تذهب إلى منعرجات الصراعات والحروب مطلقاً.
لقد أثبتت القيادة السياسية لدولة الإمارات، ومن خلال النشاط والاتصالات والزيارات متعددة الأطراف لرئيس الدولة سمو الشيخ محمد بن زايد ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية سمو الشيخ عبد الله بن زايد، أنها تمتلك القدرة والقابلية على التعاطي مع تضاريس السياسة ورمالها المتحركة بمرونة وحنكة سياسية لافتة.
ولكن المتابع لا بد أن يلحظ حالة غير مسبوقة من التلاعب بالحقائق على منصات التواصل الاجتماعي واستخدام حسابات إلكترونية تُدار بعناية واحترافية من جهات معروفة لنشر الشائعات والمحتوى المضلّل والمسيء للهوية الوطنية للإمارات وانتمائها العربي ودفاعها عن الأمن القومي العربي، عندما أسهمت بفعالية في إفشال مؤامرات ما سُمّي بالربيع العربي آنذاك.
بات من المؤكد أن هناك جهات مدعومة من أطراف عديدة وإعلاماً مأجوراً يشنّ حملات ظالمة تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة، وتسعى هذه الحملات إلى محاولة تشويه إنجازات الإمارات التنموية والسياسية وحتى المبادرات الإغاثية والإنسانية، وإثارة موجة من التشكيك في الدوافع والغايات النبيلة لمساهمات الإمارات الإنسانية المعروفة منذ عهد طيب الذكر الراحل الكبير المؤسس الشيخ زايد بن سلطان «طيب الله ثراه».
وبالتالي فإن خلاصة القول إن الحقائق في النهاية تعلو «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض»، وإن كل هذه الحملات المسمومة تغذيها جهات معارضة لسياسة الإمارات الوازنة ومواقفها من القضايا الإقليمية الساخنة مثل حرب غزة أو اليمن أو الوضع المعقد في السودان والفشل الذي خلقه تهور وقصر نظر جنرالات السودان الذين دمّروا بأطماعهم السلطوية كل آمال الشعب السوداني وثورته في إقامة حكم مدني ديموقراطي يشترك فيه الجميع بإدارة شؤون بلدهم.
وحتى ملف السودان هناك من يسعى لإقحام الإمارات فيه وتشويه مساعيها ضمن اللجنة الرباعية لوقف نزيف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية ومعالجة تداعيات الحرب.
وكما قال صديق لي متندّراً على من يدسّ السم في العسل: ما الذي يغري الإمارات، البلد الغني والمستقر والناجح، في التدخل في سودان منكوب بجيش من الأمراض والفيضانات والفقر والصراعات.


