: آخر تحديث

مع سوريا.. ومع ما يُسعد شعبها

2
1
1

خالد بن حمد المالك

تميزت العلاقة السورية السعودية تاريخياً بالدفء، والحميمية، والترابط بين الشعبين السعودي والسوري، فكان التزاوج، واختلاط النسب، والتبادل التجاري، والقصص الجميلة عن حملات العقيلات، ومشاركة عدد من المواطنين السعوديين مع إخوانهم السوريين ضمن الهجانة لتحرير سوريا من ربقة الاستعمار الكريه.

* *

هذا الماضي الجميل يتحدث عن وئام، ومحبة، وارتباط بين مواطني الدولتين، الزيارات لا تنقطع، وأهلنا من رجال العقيلات في ترحال لا يتوقف إلى سوريا، إلى بلاد الشام الجميلة، وإلى تلك الأراضي الغنية بثرواتها، وطبيعتها، غير أن هذا التميز في علاقات الأخوة بين بلدينا أفسده نظام حزب البعث، ورسخ هذه القطيعة حافظ الأسد وابنه بشار الأسد على مدى سبعين عاماً من حكمهما لسوريا.

* *

الآن تعود سوريا بالتدريج إلى محيطها العربي، وإلى علاقاتها الأصيلة مع المملكة، بعد نجاح المقاومة السورية في إسقاط نظام بشار الأسد، بعد أن عاث النظام السابق بالبلاد فساداً، وظلماً وقهراً للمواطنين، وبعد أن باع البلاد إلى مجموعة من الدول، وإلى أخرى من الميليشيات، محتمياً بهم للبقاء في سدة الحكم ضد إرادة الشعب الذي نجح في التخلّص منه.

* *

وكانت المملكة سبَّاقة في دعم الثوار الأحرار للتخلص من بشار الأسد، ومعاضدة مقاومة المواطنين ضد من كان يحكمهم بالحديد والنار، ومع نجاح الثورة لم يكن هناك غير المملكة الداعمة والمساندة لإرادة الشعب، وتطوير قدراته، وتحسين أوضاعه الاقتصادية، وربطه بالعالم، تأكيداً على سلمية النظام الجديد، وتوجهه في تخليص سوريا من أن تكون بيئة للإرهاب، ومُصدِراً للمخدرات.

* *

في البدء، خلّص الأمير محمد بن سلمان سوريا من مقاطعة العالم لها، وفك أسرها من عزلة عربية ودولية حرمتها من أن تكون دولة ذات سيادة واستقرار وازدهار، فكان أن جمع رئيس سوريا أحمد الشرع بالرئيس الأمريكي دونالد ترمب في الرياض، وأقنعه برفع العقوبات المفروضة على سوريا وعلى قادتها الجدد، لتتوالى إلغاء العقوبات من الدول الأوروبية، ثم تقديم المملكة من المساعدات العينية والمالية لسوريا ما خفّف من أزمات البلاد التي ورثها النظام الجديد عن النظام السابق.

* *

واليوم تعلن المملكة عن تسليم الشحنة الأولى من المنحة التي أعلنت عن تقديمها لدعم الطاقة في سوريا، محملة بنحو 650 ألف برميل من البترول الخام، للإسهام في تعزيز تشغيل المصافي السورية، وتحقيق الاستدامة التشغيلية والمالية، لتستفيد الحكومة من المنحة في بيع الوقود، واستخدام عوائد بيعه في إعادة شراء النفط من جديد، ومن ثم إعادة بيعه، مما يعزّز الاستدامة، وبالتالي إيجاد مصدر مالي دائم، يستفاد منه بشكل مستمر.

* *

هذا الموقف السعودي المعاضد لسوريا ينطلق من سياسة المملكة الثابتة في تمكين سوريا من أن تعود إلى حضنها العربي، وأن تكون دولة مزدهرة، يعيش مواطنوها في حالة من الأمن والاستقرار، وأن تبتعد عن أي ممارسات تعرّض وحدتها إلى التفتت أو الاحتلال، دون أن يكون للرياض في هذا الموقف مطالب أو أهداف، فهدفها أولاً وأخيراً مصلحة الشعب السوري، وتوفير الخير له، بعد سنوات من الضياع، والمعاناة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد