واجه مؤتمر «كوب-30» نقاشات وخلافات عدة حتى اليوم الأخير للاجتماعات التي شارك فيها في مدينة بيليم في الغابات الاستوائية في البرازيل نحو خمسين ألفاً من غالبية دول العالم - باستثناء الولايات المتحدة التي قاطعت أعمال المؤتمر وأعلنت موقفاً سلبياً نحوه - والعشرات من صناديق التنمية وجمعيات البيئة والمناخ.
شكّل موضوع إعادة ذكر التعهد بـ«خريطة طريق» إمكانية وقف استعمال الوقود الأحفوري بحلول عام 2050، البند الأكثر إثارة للجدل والخلاف. وكانت الموافقة على هذا المطلب بالذات قد بدأت في «كوب-28» في دبي حيث حصل المطلب على تعهد 200 دولة بالانتقال من الوقود الأحفوري بحلول عام 2050.
رغم الخلاف الحيوي في «كوب-30» في البرازيل استمرت المفاوضات ما بين الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا ورئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لاين، في جوهانسبرغ على جانب قمة «مجموعة العشرين» في جنوب أفريقيا، خلال الأيام المتبقية من مؤتمر «كوب-30»، محاولةً منهما لتغيير المواقف وإنجاح «اتفاق جوهانسبرغ».
وصرح رئيس مؤتمر «كوب-30» السفير البرازيلي كوريس دي لاغو، عند تلاوة القرارات النهائية للمؤتمر، بأنه نظراً لاستمرار وجود خلافات حول دور الوقود الأحفوري في التغيير المناخي، ستصدر رئاسة المؤتمر بياناً حول الوقود الأحفوري، وبياناً آخر حول حماية الغابات «نظراً لعدم وجود إجماع حول الموضوع».
وأشار دي لاغو أيضاً إلى أن هناك خلافات حول اتفاقية علاقة التجارة الدولية بالوضع المناخي؛ إذ أبدت بعض الدول مخاوف من أن المعوقات التجارية «تؤدي إلى تقليص إمكانية الحصول على التكنولوجيا النظيفة».
من جانبها، طالبت بعض الدول النامية المنتجة للفحم الحجري، بالذات الهند، بتعويضات مالية أكثر لمساعدتها في التحول الطاقوي من إنتاج الفحم الحجري إلى الطاقات المستدامة. وقد تكرر هذا المطلب في مؤتمرات سابقة عدة. وقد تكرر أيضاً في هذا المؤتمر موضوع المساعدات للدول المنتجة للفحم.
كما طالبت بعض الدول المنكوبة بالكوارث الجوية والبيئية بزيادة ثلاثة أضعاف المبالغ السابقة الموعودة للمساعدة في تخفيف الأعباء من الكوارث الجوية والبيئية في الدول النامية.
والحدث الأهم في مؤتمر «كوب-30» هو مفاوضات الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا مع رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي. ويتضح أيضاً أن الثمن مقابل هذه المطالب هو زيادة ثمن المساعدات أو المعونات المطلوبة. كما يتضح كذلك أن المطلوب في «اتفاق جوهانسبرغ» من جميع الدول ذات العلاقة زيادة نشاطهم وأعمالهم لتحقيق 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت) كما اتُّفق عليه في «اتفاقية باريس».
من الواضح أن «اتفاق جوهانسبرغ» مهم لمسيرة الطاقة المستقبلية. لكن الأهمية الكبرى تكمن في عدم وضوح الاتفاق وآلية عمل إمكانية التنفيذ. هنا، تلاقت مصالح الأقطار الأوروبية (ذات الشح في مواردها الطاقوية) مع البرازيل (حماية غاباتها الاستوائية).
طرح «اتفاق جوهانسبرغ» أسئلة كثيرة حول آلياته وعدد الدول المساندة له؛ إذ طرحت العديد من الدول تساؤلات عدة حوله أثناء الجلسة الختامية. كما يُطرح هنا سؤال مهم جداً: هل أوروبا مستعدة لتحمل مسؤولية الولايات المتحدة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في الدور الكبير لتزويد المساعدات للدول النامية، بالذات خلال الحرب الأوكرانية، وما تضيفه من أعباء مالية على الأقطار الأوروبية لزيادة موازناتها العسكرية؟

