الموجة العارمة التي أحدثتها عروض الكنوز الفرعونيّة الخاصة بالفرعون الذهبي توت عنخ آمون بعد افتتاح المتحف المصري الكبير، مؤخراً، هذه الموجة ما زالت تتنامى وتكبر ليس فقط مصرياً ومحلياً بل عالمياً.
قبل أيام أثارت أغنية إيطالية بعنوان «توت عنخ آمون» اهتماماً واسعاً. أغنية يعبر فيها الإيطاليون عن تقديرهم للحضارة المصرية القديمة، بالأخص الملك توت عنخ آمون، الذي اعتلى عرش مصر في سن مبكرة.
الأغنية، التي ظهر قناع الملك الذهبي فيها خلال احتفال افتتاح المتحف المصري الكبير في بداية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، احتلت قوائم «الترند» على مواقع التواصل الاجتماعي. معبرة عن «هوس» الإيطاليين بالحضارة المصرية القديمة، بالأخص الملك توت عنخ آمون.
من ضمن كلمات الأغنية: «توت عنخ آمون... الملك الطفل، في وادي النيل... قدر عظيم، كان في العاشرة... على عرش مصر، قناع من ذهب... يرقد في صمت... لكن اسمه أغنية، توت عنخ آمون... من الصحراء إلى العالم».
الواقع أن هذا الهوس الغربي بالفرعونيات والمصريات القديمة جداً، ليس وليد اليوم، هو موجة غربية قديمة قام على ضفافها علم المصريات المعروف، وصنعت أساطير تحولت لروايات تحولت بدورها لمسرحيات وأفلام ووثائقيات حول مصر العتيقة الموغلة القدم.
كان هناك سياق غربي نحو قديم مصر وآثارها وأساطيرها.
زاد ذلك حين تم اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، الفرعون الذهبي على يد المستكشف وعالم الآثار البريطاني الشهير هيوارد كارتر الذي فتح أبواب التاريخ، حين عثر على مقبرة الفرعون الذهبي توت عنخ آمون في وادي الملوك عام 1922.
داخل مصر نفسها سرت نبضة كهربائية ثقافية سياسية إعلامية وفنية.
من بين ذلك قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي التي وصف فيها تلك الحادثة فأبدع، ومما قاله عن كشف كارتر لكنوز توت عنخ آمون:
أَفضى إِلى خَتمِ الزَمانِ فَفَضَّهُ
وَحَبا إِلى التاريخِ في مِحرابِهِ
وَطَوى القُرونَ القَهقَرى حَتّى أَتى
فِرعَونَ بَينَ طَعامِهِ وَشَرابِهِ!
هي تلك النبضة وهاتك الرعشة وذاك الهوس قبل أكثر من قرن من الزمان، ما زالت حيوية حية فوارة.
هذا كله يكشف لنا كم هي قوة جبارة خالدة تلك: قوة التاريخ ورمزية القديم وسحر الغموض وعظمة المشترك الإنساني.

