إيلاف من الرباط: كشفت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، التابعة لحزب الاستقلال المغربي المشارك في الحكومة، عن رؤيتها بخصوص مشروع قانون الموازنة لسنة 2026.
وتضمنت المذكرة، التي اطلعت عليها "إيلاف المغرب" سلسلة من المقترحات التي تروم الجمع بين تعزيز الدولة الاجتماعية وتشجيع الاستثمار الخاص والعمومي، في ظل سياق دولي متقلب يفرض على المغرب توخي الحذر في تدبير التوازنات المالية.
تعزيز الدولة الاجتماعية
أولت المذكرة أهمية قصوى لتسريع تنزيل المحاور الأساسية لورش الدولة الاجتماعية، عبر اعتماد السجل الاجتماعي الموحد كأداة مركزية لتحسين استهداف الدعم المباشر. كما دعت إلى مراجعة معايير وشروط الاستفادة من هذا الدعم، بالاعتماد على مراقبة الأسر المغربية الراغبة في الدعم لحجم استهلاكها للكهرباء والإنترنت، مع تعديل نظام التأمين الإجباري عن المرض ليشمل العمال المؤقتين والموسميين.
واقترحت الرابطة مضاعفة مبلغ الدعم المالي المخصص للأشخاص في وضعية إعاقة من 1000 إلى 2000 درهم (110-220 دولار) شهرياً، إلى جانب رقمنة الإجراءات الإدارية وتبسيط الولوج إلى الخدمات الاجتماعية.
دعم القدرة الشرائية
في هذا المحور، ركزت المذكرة على مواصلة إصلاح الضريبة على الدخل للتخفيف عن الطبقة الوسطى، مع إدراج آليات لتقييم الأجور بشكل تلقائي تبعاً لمؤشر الأسعار. كما أوصت بتفعيل المقتضيات الضريبية الخاصة بدعم تمدرس الأبناء من التعليم الابتدائي إلى الثانوي، ومكافحة المضاربات في أسعار اللحوم والحليب، فضلاً عن تطوير آليات الادخار.
تنمية العالم القروي
خصصت المذكرة حيزاً مهماً للعالم القروي، حيث دعت إلى دعم إعادة تشكيل قطيع الماشية وتعزيز إنتاج حليب الأبقار، وتحفيز الفلاحين على ترشيد استعمال المياه، وتيسير الاستثمار في السياحة القروية. كما أوصت بخفض تكاليف الربط بالإنترنت في القرى بنسبة 50%، وإحداث تعاونيات محلية للتسويق والتوزيع تستفيد من إعفاءات ضريبية تمتد لخمس سنوات.
تقليص الفوارق المجالية
واقترحت الرابطة تسريع وتيرة برامج البنيات التحتية، لا سيما الطرق القروية بإضافة عشرة آلاف كيلومتر في أفق 2030، وبناء داخليات للتلاميذ مع توفير النقل المدرسي. كما دعت إلى دعم الأسر بشرط تمدرس الأبناء لمحاربة الهدر المدرسي، وتوفير حلول لامركزية للماء والكهرباء، وتخصيص 25% من الصفقات العمومية للمقاولات المحلية الصغرى والمتوسطة.
التشغيل وخلق فرص عمل
اعتبرت المذكرة أن برامج دعم التشغيل الحالية لم تحقق الأثر المطلوب، واقترحت رفع تمويل التكوين في برنامج "تأهيل" إلى 30 ألف درهم (3 الاف دولار) لكل مستفيد، وتحسين معايير برنامج "تحفيز"، مع تخفيض الانخراطات الجديدة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بنسبة 50% خلال ثلاث سنوات. كما أوصت بإحداث "بورصة تشغيل" لدى وكالة "أنابيك" (وكالة حكومية مكلفة التشغيل) موجهة للقطاعات التي تعاني نقص اليد العاملة، إلى جانب إطلاق مشاريع بيئية مثل التشجير ومكافحة التلوث لخلق فرص عمل جديدة.
تحفيز الاستثمار الخاص
في مجال الاستثمار، طالبت المذكرة بتحرير الطاقات الإنتاجية وإزالة العوائق التنظيمية، مع مراجعة نظام المقاول الذاتي ورفع سقف معاملاته إلى مليون درهم (100 الف دولار)، وخفض نسبة الاقتطاع من المنبع إلى 20%. كما أوصت بمنح صفة "شركة مبتكرة" للمقاولات ذات الطابع الابتكاري، مع دعمها بشراكات مع مؤسسات البحث العلمي.
تعزيز المالية المحلية
واقترحت المذكرة تخصيص جزء من أرباح المؤسسات العمومية للجماعات الترابية، ومراجعة نظام النفقات الجبائية، وتمكين الجهات من إنشاء شركات عقارية لتمويل مشاريعها. كما أوصت بفرض رسوم خاصة على استغلال المعادن لفائدة الجهات المستضيفة للمناجم، كآلية لدعم التنمية الجهوية.
الاستثمار العمومي وترشيد النفقات
ورغم تشجيع المبادرة الخاصة، شددت المذكرة على ضرورة الاستمرار في الاستثمار العمومي في القطاعات الاستراتيجية، خصوصاً المشاريع المرتبطة بمواجهة التغيرات المناخية والطاقة المتجددة والبنيات التحتية الكبرى. لكنها في الوقت ذاته أوصت بترشيد النفقات وتوسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، مع إحداث لجنة مستقلة لتقييم استدامة المالية العمومية ومراقبة أثر الاستثمارات.
وتراهن هذه المقترحات، بحسب المذكرة، على جعل موازنة 2026 أداة لإرساء عدالة اجتماعية أوسع، مع تعزيز القدرة الشرائية للأسر وتوسيع برامج الحماية الاجتماعية، مع تحفيز الاستثمار الخاص والعمومي باعتباره محركاً أساسياً لخلق فرص الشغل وضمان استدامة النمو الاقتصادي.