ما ان كشف الغطاء عن تمثال ..كتب على قاعدته انه للشاعر الجواهري حتى تصاعدت غيوم السخرية لتملأ اجواء المثقفين الذين وجدوه لا يليق بالشاعر الكبير
اثار تمثال لشاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري (1899 – 1997) تم نصبه في اتحاد الادباء ،ضجة كبيرة لاساءته الكبيرة للشاعر كونه لا يمت بصلة له لا من قريب ولا من بعيد ، واستنكر العديد من المثقفين العراقيين ما جاء في التمثال من ملامح لا تشبه الشاعر فضلا عن الضعف من ناحية النسب والتشريح ، فيما اشار اخرون الى انهم لم يعرفوا من التمثال سوى (الطاقية) الشهيرة التي يعتمرها الجواهري ، وقد طالب الكثيرون ومن رئيس مركز الجواهري وهو ابن اخت الشاعر برفع النصب لانه يمثل اساءة كبيرة ليس للشاعر فقط بل لتاريخ فن النحت العراقي ، فيما اعتقد البعض ان النحت العراقي يعاني من ازمة عدم وجود نحاتين !!.
ضرورة رفع النصب
فقد طالب رئيس مركز الجواهري رواء جواد الجصاني برفع النصب ومحاسبة من وافق عليه ، وقال :كتبت مرة مخاطبا المعنيين الثقافيين والسياسيين العراقيين، في قضية مشابهة، ما نصه: سكتوا دهرا عن الجواهري فنطقوا كفرا،والان اجدد المقولة هذه.
واضاف : انا لست من جماعة "شيء احسن من لا شيء" المبررين لما حدث ويحدث في البلاد العراقية ... اؤمن بالعكس في الكثير من الاحيان، أي لاشئ، احسن من شيء باهت، مسئ لرموز العراق... الأوطان بتراثها وعباقرتها وروادها، لا بمائها وترابها ... فعشرات البلدان فيها ماء وتراب.. ولكن كم بلد لديه مثل الجواهري وزها حديد ويوسف العاني ، في العصر الحديث على الاقل، وما علينا بالاسلاف
وتابع : أقول: بايجاز: لم اتحسس في النصب حيوية او عواطف او حتى ايحاءات جواهرية، يكاد الموت فيه يسبق الحياة، دع عنك التمرد والشموخ والعبقرية .
واوضح : رفع النصب المشوه، أقل ما يمكن.. لو كنت متمكنا لحاسبت من وافق على ذلك النصب - بفتح النون، لا بضمها- آمل ان لايكون وراء الامر نصب واحتيال او إساءة متعمدة على اقل وصف،وعسى ان لا أتهم بنظرية المؤامرة التي اعتاد ان يلجأ اليها العاجزون عن المحاججة والرد المناسب.
واضاف ايضا : الحال الأمر ان الموضوع يعود لاتحاد يفترض ان يكون وان يضم منورين، متابعين، يقرأون ويكتبون ... فهل حقاً أطلع المعنيون على النصب قبل إزاحة الستار عنه، علنا مع سبق الإصرار والترصد على الإساءة الجديدة لجواهري العراق ؟، الحال الأمّر ..الأكثر مرارة ان هناك من "االمثقفين" طبلوا وزمروا لما حدث وبعضهم لا يمكن أن يُبخس في قدراته ومداركه.
لا يمت للشاعر بصلة
اما الشاعر فارس حرام رئيس اتحاد ادباء النجف السابق فقد اكد ان التمثال لايمت بصلة للجواهري، وقال : أن يقوم نحات بإهداء أعماله إلى المؤسسات الحكومية وغير الحكومية فهذا ليس كافياً لقبول أعماله، وإنما ينبغي لهذه المؤسسات أن تعرض أعماله على خبراء في هذا المجال، حتى لو كان ذلك لا يرضيه، هذا سياق يجب اتباعه في قبول الهدايا الفنية المطلوب بناء صرح لها امام الناس. وطبعاً، يستثنى من ذلك الفنانون الكبار الذين أسسوا لهم ذاكرة واحتراماً وثقة في ذائقة الخبراء والجمهور معاً.
واضاف: فهذا التمثال المنسوب للشاعر محمد مهدي الجواهري - على سبيل المثل - لا يمت للشاعر بصلة، فلو كنت لا أعرف أنه للجواهري فلن أعرف أنه للجواهري إلا من منظر الطاقية على الرأس، انظروا في الأقل إلى امتلاء جسد التمثال مقابل نحافة الجواهري الحقيقية التي لم تكن تخفى على عين!
وتابع: أقول هذا مع تثمين جهد الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق، في الاهتمام بشاعرنا الكبير وتكريمه على الدوام، ومع تثمين جهد النحات نفسه، لكن يبقى للعمل الفني شروطه، وأهمها أنه يقنع من لهم بعض دراية ومتابعة وذوق.
وختم بالقول : هذا التمثال ليس للجواهري
اساءة للجواهري ولتاريخ النحت
من جهته فال الناقد والاكاديمي محمود موسى :هذا التمثال أقل مايقال عنه انه تمثال مخجل بل مخزي وهو إساءة بحق رمز عراقي كبير هو الجواهري واساءة لاتحاد الادباء واساءة لتاريخ النحت العراقي الذي يمتد لخمسة آلاف سنة ، لأنه تمثال ضعيف فنيا من ناحية النسب والتشريح وضعيف تقنياً ونفس التوصيف ينطبق على بقية التماثيل التي نفذها نفس النحات مثل تمثال جواد سليم أمام قاعة كولبنكيان وتمثال حقي الشبلي أمام المسرح الوطني .
واضاف : الكارثة ان النحات ينوي تنفيذ مئة تمثال في بغداد وهذا يعني حدوث مجزرة فنية بحق رموز العراق وبحق الذوق العام لأنه نحات يكاد يكون نحاتاً شعبياً أو فطرياً رغم تخرجه متأخراً من معهد الفنون الجميلة . وأتساءل هنا لماذا لم ينفذ تمثال الجواهري للنحات نداء كاظم رغم اكتمال صب القوالب منذ سنوات ويبدو ان العملة الرخيصة والرديئة تطرد العملة الجيدة في ضل نظام اداري ينخره الفساد حتى العظم في المؤسسات الثقافية العراقية اليوم .
وتابع : ليست هناك أزمة نحاتين بالمعنى المحدود، فلدينا نحاتون بمستوى عالمي لكنهم مغتربون وبينهم وبين الوطن مايشبه القطيعة مثل النحات داره حمه والنحات أحمد البحراني والنحات سهيل الهنداوي ونداء كاظم والازمة الحقيقية هي أزمة وعي فني في المؤسسات الثقافية والفنية مثل وزارة الثقافة وكذلك أمانة بغداد التي تتحمل جانب كبير في تفشي الثماثيل والنصب الهزيلة فنياً وذوقياً رغم انها قد صرفت عليها مليارات الدنانير وهي لا تخلو بلا شك من تهمة الفساد الاداري الذي تفوح رائحته من هذه النصب الهزيلة
اعمال غير لائقة
اما الفنان التشكيلي والناقد علي الدليمي ، فقال :النحات خليل خميس من أصدقائي المقربين جدا وأحترمه وأحترم مبدأه الذي قدمه ويقدمه للوطن وللحركة الفنية والثقافية في البلاد .. وهو يقدم ما لم يقدمه الآخرون من منجز فني .. قد تكون أعماله لا تليق للاخرين .. ولكنه يتميز بأسلوب فني موجود في عند الكثير من النحاتين في العالم .. مقارب للسذاجة أو الكاريكاتير أو في المبالغة في نسب معينة.. وهذا لا يمنع أن تكون أعماله موجودة هنا وهناك
واضاف: على أية حال هي وجهة نظر خاصة لا أستطيع أن أعممها على الجميع.مواقفه وطنية وإنسانية خالصة .. ويعمل بجد .. ومجاناً من أجل أن يقدم أعمال خالدة..
وتابع: لدينا نحاتون ممتازون جداً .. ولكنهم يبالغون أحياناً في تحديد مبالغ خيالية تعجز عنها بعض الدوائر التي تروم إنجاز أعمال نحتية
مبادرة ذاتية
الى ذلك اكد الناقد الفني قاسم العزاوي، من دائرة الفنون التشكيلية، ان التمثال لايرتقي الى الشاعر الكبير وانه لايمت باي صلة لشاعر العرب الاكبر الا (بعرقجينه)، وقال :من البديهي والمتفق عليه،ان النحت التشخيصي المجسد للرموز الثقافية /ادبية/ فنية وكذا السياسية والمجتمعية وغيرها ،والتي تنتمي للاسلوب الواقعي،اول مايراعى بها هو الشبه النسب والحركة المعبرة للشخصية المراد تشخيصها _نحتياً-.لكن خليل خميس اخفق بكل هذه الميزات النحتية ،كما اخفق سابقا بتمثال الفنان الرائد جواد سليم ..! واعاد ذات الاخفاق مع تمثال شاعر العرب الاكبر الجواهري ..! رغم جهده ومبادرته المشكور عليها.
واضاف: لاتوجد اي ازمة نحاتين في العراق ابدا ، لكن خليل خميس ضمن مشروعه ومبادرته الذاتية التي تتضمن اكثر من عشرين تمثالا لرموز فنية وادبية ..هي مبادرته الذاتية ولم يكلف من اية جهة اصلا.
وتابع : دائرة الفنون التشكيلية وضمن بغداد عاصمة الثقافة العربية اجرت مسابقة لعمل اكثر من 50 تمثالا لهذهك الرموز الثقافية ولم يكن خميس من ضمنهم
وختم بالقول : مبادرة خليل خميس ذاتية، ولا اعتقد ان الدائرة تكون بمثابة شرطي للمبادرات الذاتية.!.