: آخر تحديث
لقاء في ظلّ الشمس والغيم

حوار بين نخلةٍ إماراتية وأرزةٍ لبنانية

3
3
2

تخيّلوا لقاءً بين نخلةٍ من صحراءٍ تحتضن الشمس، وأرزةٍ تنام على كتف جبلٍ وتغتسل بالندى.
في زاويةٍ من خيالٍ صافٍ، اجتمعت النخلة الشامخة من أرض الإمارات بالأرزة العتيقة من جبال لبنان.
لم يكن اللقاء صدفة، بل قدرًا جميلًا رتّبته الأرض والهواء والذاكرة المشتركة.
كانت الشمس شاهدة، والغيم منصتًا، والريح تهمس بشيء من الشعر.

النخلة، وهي ترفرف بجريدها بانسياب:
سلامٌ عليكِ يا أرزة الجبل. كم من القصائد نُظّمت في ظلّكِ، وكم من جراحٍ ضُمّدت تحت أغصانكِ.
جئتُ إليكِ من صحراء اعتنقت الشمس، من أرضٍ آمنت بالإنسان وصنعت المعجزات.

الأرزة، بشموخٍ عتيق:
أهلًا بكِ يا نخلة النور والعزم. كنتُ أراكِ من بعيد وأقول: تلك أختي في الصمود...
في العطاء بالرغم من القساوة، وفي التجدّد بالرغم من السكون.
لبنان، مثلي، ضاربٌ في العمق. جُرحي موسيقى، وتعبيري حرية، وألمي حبر.
وأنتم، بالرغم من حداثتكم، لم تنسوا الأصل، ولا نسيتم الوفاء.

النخلة:
تعلمين يا أختي... نحن أبناء الصحراء تعلمنا أن نغرس الحياة في الرمل،
وأن نحوّل السراب إلى واقع. الإمارات نهضت على أكتاف الحلم،
ورفعت راياتها في ميادين التنمية والمعرفة والتسامح.
نحن نحترم الذاكرة، لكننا لا نقيم في الماضي، بل نأخذه زادًا للمستقبل.

الأرزة، بتأمّل:
وأنا تربّيت على القصص والحكايات، على نضال الأجداد، وعلى حبّ الحرف.
لبنان وطنٌ لا يموت بالرغم من كل شيء، لأنه يحبّ الحياة، ويُبدع حتى من أنقاضه أغنية.
فينا وجع، نعم، لكن فينا أيضًا أملٌ عنيد، وإصرار لا يلين.

النخلة، مبتسمة:
ما أجملكِ حين تتحدثين... حديثكِ يُعيد إليّ أصوات الأمهات في المساء،
حين يروين الحكايا حول النار.
أصغيتُ كثيرًا لشعركم، لموسيقاكم، لحواراتكم التي تعلو فوق الضجيج.
وأتابع أبناءكِ في جامعاتنا، وفي إعلامنا، وفي طبابتنا. إنهم سفراء للحرف والجمال.
أما نحن، فنجتهد لنصنع بيئةً يجد فيها الجميع مكانًا.
نحضن الجنسيات، ونكرم الضيوف، ونفتح أبوابنا على الابتكار والإنسانية.

الأرزة:
أنتم مدرسة في الرؤية، في العمل الصامت المثمر، في التخطيط الذي يصنع فرقًا.
وأنا أرى كيف تبنون المراكز، وتطلقون المبادرات، وتدعمون الإبداع العربي من المحيط إلى الخليج.
أنا فخورة بكِ، كما لو كنتِ من جذوري.

النخلة:
وأنا أراكِ مرآتي في العراقة... نخيلنا وأرزكم لا يتشابهان شكلًا، لكنهما يتشابهان جوهرًا.
كلانا يحمل هويّة وطن، وميراث شعب، ورسالة أمل.

الأرزة، وقد مدّت غصنًا في الهواء كأنها تعانق:
فلنكتب معًا سطورًا جديدة للعروبة... حيث لا حدود بين جبلٍ وصحراء،
بل تواصلٌ، وقلوبٌ تعرف المعنى، وتؤمن بالمستقبل.

النخلة، وريحٌ طيبة تمرّ بين أوراقها:
نعم يا أختي... فلنكن شريكتين في زرع النور...
أنتِ ترفعين رأسكِ نحو الغيم، وأنا أعانق السماء من الرمال،
وبيننا حضارة تُكتب الآن... وتواصلٌ لا يعرف الانقطاع.

ختام:
حوارنا اليوم هو رسالة لكل قارئ:
جذورنا ممتدة، قلوبنا موصولة، وأملنا واحد.
فلنستمر في اللقاء، في الحوار، وفي زرع النور لكل الأجيال القادمة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في ثقافات