باريس: حُرٌّ بالإنتقال إلى أينما يشاء بعدما كتب أسطورته في برشلونة الإسباني طيلة 21 عاماً، يتواصل التشويق بشأن مستقبل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي ويبقى باريس سان جرمان الفرنسي "احتمالاً" كوجهة بالنسبة لأفضل لاعب في العالم ست مرات.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل بالإمكان أن يحمل معه هذا التشويق إنعطافات؟ ففي ليل الإثنين-الثلاثاء، زعمت القناة التلفزيونيّة الكاتالونيّة "بيتيفي" أنّ برشلونة قد قدّم للتو "عرضاً أخيراً" لابن الـ34 عاماً.
لكن الصحافة الرياضيّة الإسبانيّة سارت صباح الثلاثاء باتجاه آخر تماماً: "الوجهة باريس" بحسب ما كتبت صحيفة "سبورت" الكاتالونيّة، وذلك قبل أن يشاهد صحافي وكالة فرانس برس النجم الأرجنتيني مع زوجته وأطفاله الثلاثة يصلون في الساعة الواحدة والعشرين دقيقة من اليوم الثلاثاء إلى مطار برشلونة إل برات في طريقهم إلى العاصمة الفرنسية على الأرجح.
في باريس، بالنسبة لجمهور نادي العاصمة الأمور محسومة لدرجة أنّ عدداً كبيراً منهم أمضوا ليلتهم الأحد والإثنين أمام مطار لو بورجيه وعند مدخل ملعب "بارك دي برينس" بانتظار قدوم الأرجنتيني.
لكنّ الأرجنتيني بقي في منزله في ضواحي برشلونة، مع عائلته وبصحبة زميله السابق في برشلونة وصديقه الأوروغوياني لويس سواريس قبل التوجّه ظهر الثلاثاء إلى المطار.
يتناقض هدوء ميسي مع ضجيج وسائل التواصل الإجتماعي ونفاد صبر المشجّعين الباريسيّين المستعدّين للترحيب بواحد من أفضل لاعبي كرة القدم على مرّ التاريخ.
"مرحلة نفاد الصبر"
كما أنّ الحماس شقّ طريقه خلال عطلة نهاية الأسبوع المنصرم إلى لاعبي الدوري الفرنسي مع بدء الحديث الجدّي عن وصول ميسي إلى نادي العاصمة بعدما اتّخذ القرار بالإنفصال عن عشقه الأول برشلونة.
وتحدّثت صحيفة "لو باريزيان" الثلاثاء عن أنّ إمكانيّة قدوم ميسي أحدثت "جنوناً"، فيما عنونت صحيفة "ليكيب" الرياضيّة "في مرحلة نفاد الصبر"، متحدّثة عن "الساعات الأطول" من الإنتظار، متسائلة: "هل الخاتمة اليوم (الثلاثاء)؟".
منذ الإعلان الصادم الخميس عن رحيل ميسي، فرض سان جرمان نفسه الوجهة الأكثر ترجيحاً للّاعب الأرجنتيني الذي قال في المؤتمر الصحافي الوداعي الأحد من "كامب نو" أنّ النادي الباريسي "إحتمال"، مضيفاً "بصراحة، تلقّيت الكثير من المكالمات، من العديد من الأندية عندما صدر البيان الصحافي (عن رحيله). في هذه المرحلة، لم يحسم أي شيء".
تثير الصحافة الفرنسيّة الإهتمام المشترك بين الطرفين، واقتراح سان جرمان بعقد لمدّة عامين على الأقل، براتب سنوي صافٍ يبلغ حوالي 40 مليون يورو، ما سيضع الأرجنتيني على نفس المستوى من زميله السابق وصديقه البرازيلي نيمار (36 مليون يورو)، اللّاعب الأعلى أجراً في فرنسا.
لكن طالما أنّه لم يحطّ في العاصمة الفرنسية، فليس هناك توقيع: ميسي يتلاعب بأعصاب الجماهير، بنفس الطريقة التي يراوغ بها خصومه في الملاعب.
صديق نيمار
يوم الأحد، فضّل ميسي أن يكرّس وقته لبرشلونة في ما يمكن أن يكون آخر أسبوع له كلاعب حر.
في "كامب نو" حيث كتب أسطورته، أعلن ميسي وهو يبكي حبّه للنادي الذي وصل إليه وهو في الثالثة عشرة من عمره.
وبعد أن تمالك أنفاسه قال في مستهلّ حديثه "لم أتصوّر إطلاقاً الرحيل عن برشلونة لأنّي للحقيقة لم أفكّر بهذا الأمر. كنت أريد وداعاً مع الجميع على أرضيّة الملعب"، مضيفاً "هذا العام، كنت أنا وعائلتي مقتنعين بأنّنا سنبقى هنا، في بيتنا، هذا ما كنّا نريده أكثر من أي شيء آخر. الرحيل صعبٌ وقاسٍ".
وتابع "لا زلت غير مصدّق بأنّي سأترك هذا النادي وتغيير حياتي. أنا أعشق هذا النادي. أمّا الآن فيتعيّن علي الإنطلاق من نقطة الصفر. لم أكن مستعدّاً بصراحة لسيناريو مماثل".
وأوضح "لقد أعطيت كل شيء لهذا النادي من اليوم الأوّل حتى الأخير. لقد عشت في صفوف النادي أوقاتاً جيدة وأخرى صعبة، لكن الناس هنا أظهروا حبّهم تجاهي وهذا سيبقى معي إلى الأبد".
وكشف ميسي أنّه خفض راتبه إلى النصف حتى يتمكّن من البقاء، لكن برشلونة تخلّى عن تمديد عقده الضخم الذي انتهى في حزيران/ يونيو لتجنّب تعريض ميزانيّة النادي إلى الخطر بسبب قواعد سقف الرواتب التي فرضتها رابطة الدوري الإسباني.
هذا الأمر، أعطى سان جرمان ومالكيه القطريّين الفرصة المثاليّة لتعزيز صفوف النادي بلاعب يصنّفه الكثيرون على أنّه أعظم من مارس هذه اللّعبة.
القوّة الماليّة لسان جرمان والتخفيف من قواعد اللّعب النظيف المالي للإتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا)، فتحا الباب أمام نادي العاصمة الفرنسيّة لتحقيق صفقة لم يتخيّلها أحد في بداية الصيف.
يعود الإتصال بين ميسي وسان جرمان إلى صيف 2020، عندما أعرب الأرجنتيني عن رغبته في مغادرة برشلونة.
لكن في ذلك الوقت، لم تذهب الأمور إلى هذا الحدّ بعدما وجد اللّاعب أرضيّة مشتركة مع النادي الكاتالوني لتمديد بقائه لعام إضافي.
بقدومه إلى سان جرمان، سيجتمع ميسي بصديقه نيمار الذي لعب بجانبه في برشلونة بين عامي 2013 و2017.
أمضى الرجلان أمسية معاً في أوائل آب/ أغسطس الحالي خلال عطلة في إيبيسا بصحبة مواطنيه أنخل دي ماريا ولياندرو باريديس والإيطالي ماركو فيراتي الذين يدافعون أيضاً عن ألوان نادي العاصمة الفرنسيّة.