: آخر تحديث

الدوحة في القلب

18
19
13
مواضيع ذات صلة

حالت الظروف دون استمرار الزيارة التي قرّت بها العين أرض الدوحة بعد غياب استمرَّ لأكثر من ستة عشر عاماً في آخر زيارة لها. كانت الزيارة الثالثة لي في تعداد الزيارات إلى قطر. 
أوّل زيارة لي كانت في عام 2006، وكانت فترتها قصيرة نسبياً، وسبقتها زيارة ثانية في العام ذاته، وبعدها غادرت الدوحة وعدت إلى مسقط رأسي الرقّة. بعد عامين عدت فقررت السفر إلى الدوحة في الشهر الرابع من عام 2008 بعد أن فزت بعقد عمل في صحيفة الشرق القطرية وقضيت فيها حوالي ستة أشهر، وعملت في حينها في قسم التحقيقات، وبعدها عدت إلى الرقة وقررت السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد حصولي على تأشيرة زيارة لها.

في زيارتي الأخيرة للدوحة التي تحقّقت بعد عَناء كبير وجهد لا يوصف طوال سنوات ثلاث، تمكنت من الوصول إليها ولقائي العديد من الأصدقاء والزملاء والأخوة فكانت سعادتي لا توصف بلقاء الأحبّة ممن سبق أن التقيت بهم يوماً، وعشنا ساعات وأياماً من البهجة، سواء أكان ذلك داخل مبنى صحيفة الشرق أو الراية والعرب، من خلال لقائي بزملاء وأصدقاء بعيدين في اهتماماتهم عن الصحافة وهمومها، على الرغم من العشق غير العادي الذي أكنّه لها، وتبقى بالنسبة لي حياة أخرى لا يمكن لي أن أصف مدى العشق الذي يقرّبني منها.

قبل ثلاث سنوات، وفي الأيام التي سبقت الرحلة إلى الدوحة، كانت الإجراءات فيها كثير من الصعوبة، ورغم كل التحضيرات والإجراءات التي خلصت إليها، وإكمال الوثائق الضرورية لها إلّا أنّها باءت بالفشل، بعد وصولي مطار فيينا الدولي وسؤالي المسؤولين العاملين فيه عن مدى صحّة الوثائق التي بين يدي للسفر إلى حيث عشقي الأوّل والأخير.. وأتبع ذلك الفشل اتصالاتي المستمرة مع أصدقاء ومعارف هناك بهدف الحصول على تأشيرة سفر تُمكنني من السفر إلى الدوحة، وأبدى الجميع عدم استطاعتهم الامتثال لطلبي. وقفوا عاجزين تماماً عن تقديم أي مساعدة لعدم توافر التأشيرة بالنسبة للسورين، حتى وإن كانت تأشيرة زيارة لا تتجاوز أياماً. كلٌ يُقدّم اعتذاره الشديد!. 

وتجدّدت الرغبة في زيارة الدوحة في العام الحالي، بعد أن كانت الفرصة فيها الكثير من الصعاب التي من المُحال إتاحة الفرصة في الوصول إليها. وجاءت هذه الموافقة بترغيب المشجّعين الدوليين لجهة حضور مونديال كأس العالم بنسخته الـ 22 التي نظّمته قطر، وطرح لجنة المشاريع والإرث، المشرفة على تنظيم البطولة "بطاقة هيّا" للجماهير الراغبة بحضور اللقاءات الدولية بعد شراء تذاكر المباراة الراغب بحضورها، وضرورة الحصول على بطاقة "هيّا" وتفعيلها، التي كانت تعد شرطاً أساسياً لدخول الدوحة، وهذه الأخيرة لم يكن توافرها بالأمر السهل، وتفعيلها فيه الكثير من الصعاب، فضلاً عن الانتظار الممل، والاشتراطات التي يجب تحقيقها وبمجرد تفعيلها هذا يعني استكمال إجراءات السفر بتأكيد الحجز على أيّ من خطوط الطيران المتاحة، والذهاب إلى الدوحة وحضور الفعاليات، والمباريات التي تمّ شراء تذاكرها، وتسهم تلك البطاقات على الدخول إلى أماكن المشجعين والفعاليات المصاحبة للبطولة، وكذلك تسهم في حل مشكلة المشجعين بالنسبة للنقل في خطوط المترو أو من خلال حافلات النقل التي يتمّ نقل المشجعين إلى الجهة المراد الذهاب إليها.

في الدوحة تلاقت الثقافات مع أعداد المشجعين الذين قدموا من كل أنحاء العالم بأزيائهم المزهرة، وتسابقهم إلى حضور اللقاءات الدولية، كل يتابع فريقه ويركض باتجاه الملعب الذي تقوم على أرضه المباراة. وكيف لا، ونحن نشاهد المشجع الأميركي القادم من آلاف الأميال لمتابعة فريقه وتشجيعه، وذلك الفرنسي، والأرجنتيني، والكرواتي، والسعودي، والكندي، والقطري، والمغربي، والمكسيكي، والألماني. أعداد هائلة من الحاضرين تغزوان الملاعب، والشوارع والأنفاق والجسور، والطرق الحديثة البناء، والمولات والمطاعم التي تغصّ بالحضور.

في الواقع ما شهدناه عرساً عالمياً بحق شهدته الدوحة، ونظمته باقتدار وبكل فخر، ويستحق كل من شاهد وسمع وقرأ أن تكون الدوحة عروس المونديال لأنه جمع الأحبّة، وهيء لهم الظروف المناسبة باللقاء مع بعض بعد غياب.. كل ذلك بفضل العرس الكبير الذي فسح المجال أمام العشّاق باللقاء مع أحبائهم. عرس ممتع من حق أهل الدوحة التفاخر والتغنّي به.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي