: آخر تحديث

الطريق إلى تايوان يمر عبر شرق أوكرانيا

45
58
58
مواضيع ذات صلة

رغم عدم إعلانها ذلك صراحة إلا أن الصين تتبنى بشكل كامل وجهة النظر والمبررات الروسية بخصوص الأزمة الأوكرانية، ولعل حالة الثقة التي يعيشها الرئيس فلاديمير بوتين بقدرته على مواجهة العقوبات الاقتصادية نابعة من الدعم الاقتصادي الذي قد تقدمه بكين لموسكو لتقليل الآثار السلبية للعقوبات.

وزير الخارجية الصيني في اتصاله مع نظريه الأمريكي بعد اعتراف روسيا باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين عن أوكرانيا حمل مطالب موسكو الرئيسية والمتمثلة في احترام المخاوف الأمنية المشروعة لأي دولة، ومبدأ عدم قابلية الأمن للتجزئة علاوة على تحميل كييف مسؤولية الأزمة نتيجة تأخرها في تطبيق اتفاقات مينسك.

السرد التاريخي الذي قدمه بوتين في خطابه حول تاريخ أوكرانيا وتأكيده بأن شرق أوكرانيا "أرض روسية قديمة"، موقف مشابهه وداعم للسرد الصيني الذي يعتبر تايوان مقاطعة منشقة يجب إعادتها البر الصيني في نهاية المطاف، وبذلك تطابق الرؤية الروسية والصينة بشأن طموحاتهما التاريخية.

نجاح موسكو في تثبيت وجودها في شرق أوكرانيا دون الدخول في حرب شاملة، يعني بالضرورة التحرك ولو بعد فترة تجاه ضم الجمهوريتين الجديدتين إلى الاتحاد الروسي في خطوة مماثلة لما قامت به مع شبه جزيرة القرم، خاصة وأن ما يتم التهديد به اليوم بعد الاعتراف باستقلال دونيتسك ولوغانسك مشابه تماماً لما حدث إبان ضم القرم حيث اعتبرت دول العالم أن الضم يمثل انتهاكاً للقانون الدولي واتفاقيات المحافظة على الوحدة الإقليمية لأوكرانيا، إلى جانب فرض حزمة من العقوبات الاقتصادية على موسكو إلا أن الواقع يقول أن روسيا ما زالت تحكم شبه الجزيرة منذ 2014 ولم يتغير أي شيء.

الصين اليوم تتابع وترقب النتائج التي ستسفر عنها عملية الاعتراف بالجمهوريتين وإذا ما تمكنت موسكو من تثبيت الواقع الجديد وفشلت واشنطن في الرد الحازم بعد أن فشلت فشلاً ذريعاً في أفغانستان وقبل ذلك في سوريا فهي بذلك تعطي إشارة خضراء لبكين للتحرك تجاه ملف تايوان بشكل أكثر خشونة واستخدام القوة المباشرة لإعادة الجزيرة إلى البر الصيني.

الواقع السياسي يؤكد أن بكين ستقدم كل الدعم الاقتصادي لموسكو لمواجهة العقوبات لإضعاف الموقف الأمريكي وإظهار واشنطن كمن يتخلى عن حلفائه، وهذا ما سينسحب بالضرورة على الموقف الأوروبي الضعيف أصلاً، فالقارة العجوز تدور في الفلك الأمريكي ولم تعُد ذات ثقل سياسي في غالبية الأزمات الدولية.

بالمحصلة فإن الصين ستقف بكل قوتها لدعم الموقف الروسي لا حباً بموسكو بل لزعزعة ثقة العالم بقدرة واشنطن على زعامة العالم والدفاع عن الحلفاء، وهذا ما سيحقق لبكين أمرين رئيسيين الأول هدم المدماك الأهم في النظام العالمي أحادي القطب، والأمر الثاني تعبيد الطريق أمامها لاتخاذ خطوة أكثر جرأة فيما يتعلق بملف تايوان. 


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في فضاء الرأي