: آخر تحديث

لا يرحم ولا يريد لرحمة الله أن تنزل

0
0
0

سليمان جودة

لا تعرف لماذا بالضبط قررت إدارة الرئيس ترامب مقاطعة قمة العشرين، التي أنهت أعمالها في جنوب أفريقيا في الثاني والعشرين من هذا الشهر؟ صحيح أن الخلافات بين الحكومتين في البلدين ظاهرة منذ مجيء ترامب للبيت الأبيض، ولكنها خلافات لم يكن من المتصور أن تؤدي لغياب الولايات المتحدة عن مجموعة، تحظى فيها واشنطن بمكان أو مكانة لا تنافسها فيها قوة أخرى.

تضم مجموعة العشرين أكبر عشرين اقتصاد في العالم، وإذا كان اقتصاد الولايات المتحدة هو الأكبر في العالم، وبين اقتصادات المجموعة بالتالي، فليس من المتخيل أن تتغيب واشنطن بهذه السهولة عن موقع لا يمكن لسواها أن يشغله.

ولا تعرف أيضاً ما حسابات الحكومة الأمريكية في هذا الغياب، خصوصاً إذا كانت تحارب الحكومة الصينية طول السنة، وإذا كانت تدرك مسبقاً أن غيابها لا يفسح الطريق لطرف بقدر ما يفسحه للطرف الصيني المنافس لها بين الأطراف الحاضرة؟

إن غياباً كهذا يغذي الرغبة الصينية في أن تعمل أكثر وأكثر في اتجاه أن تكون الاقتصاد الأكبر، ويشعل طموح الصينيين في هذا الجانب أكثر مما هو مشتعل، ويجعلهم يفركون أيديهم من الفرحة في انتظار أن يأتي مثل هذا اليوم، ويمنح التنافس بين الطرفين طاقة مضافة لصالح الطرف الصيني وهو يجد نفسه في موقف كالذي وجده في اجتماع المجموعة في العاصمة جوهانسبرغ.

ومع ذلك كله فإن اجتماع المجموعة ما كاد ينهي أعماله، وما كاد يصدر إعلانه الختامي المعتاد في نهاية كل لقاء للمجموعة، حتى كان البيت الأبيض قد استبد به الغضب، وحتى كان مسؤول فيه قد وصف ما جاء في البيان الختامي من بنود بأنها أشياء مخزية!

وحين تتأمل ما جاء في البيان تكتشف أنها أشياء عادية لا مخزية، وأنها كلها تتحدث عن التحدي المناخي، الذي يقف في طريق العالم، أو عن ضرورة أن يحل السلام في فلسطين وفي السودان، وفي مواضع أخرى تشتعل فيها الحروب وتستعر.

إن الرئيس ترامب نفسه قال في أثناء زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، إلى العاصمة الأمريكية قبل أيام، إن الأمير دعاه للتدخل لوقف الحرب في السودان، وإنه قرر الاستجابة لطلب ولي العهد السعودي، وإنه سيعمل بجد خلال الفترة المقبلة على وقف هذه الحرب.

قال الرئيس الأمريكي هذا بوضوح وأعلنه على العالم في أثناء زيارة الأمير محمد بن سلمان، فماذا يغضبه إذن إذا كان بيان المجموعة يبني على ما بدأه هو، ويريد للسودان أن يهدأ بعد أن أكلت نار الحرب الأخضر واليابس فيه؟، والرئيس الأمريكي ذاته هو الذي كان قد بادر فأطلق مبادرة لوقف الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في قطاع غزة.

من الجائز أن يكون سبب الغضب الأمريكي أن بيان المجموعة تبنى قضية المناخ ووضعها في المقدمة من بنوده، ودعا للتعامل معها بكل ما تقتضيه الجدية، وبكل ما تعنيه المسؤولية تجاه العالم وتجاه قضاياه.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد