سارة النومس
هل انتهت الأفكار؟ سؤال يراود الجميع، ويعتقد أغلب الناس أن كل الأفكار قد استنفدت، ولكن ما لا يعلمه كثيرون أن الأفكار تُستحدث باستمرار، فكرة واحدة قد تستخرج منها أفكار عدة، ليس المهم من هو صاحب الفكرة وإنما كيف تم تطبيقها؟ فالرجل الذي قام بتكرير المواد الهيدروكربونية واستخراج الزيوت لعرضها في السوق لم يكن هو الأول بل سبقه رجل آخر ولكنه كان يطبق الفكرة نفسها على الفحم عندما كان من أهم مصادر الطاقة.
عندما تفكر، فأنت إنسان جيد ولكن حين تنفيذك للفكرة هنا نقول إنك إنسان (رائع)، قد يجد الرجل الكويتي بيئات مناسبة لتطبيق أفكاره في الخارج فهناك أماكن تبحث عن أصحاب الأفكار بشكل حقيقي وليست جملاً لإبراز الدور الشبابي في الإعلام. الكويت مليئة بالنماذج الناجحة والشخصيات المفكرة والمؤثرة في الماضي، مع التعليم المتاح والحرية الفكرية، أصبح في كل بيت كويتي مشروع نجاح، لذلك ترى اليوم العديد من الكويتيين في الخارج يشقون طريقهم للنجاح.
ما الذي يجعلك واقفاً دون أن تنفذ أفكارك؟ حتى لو كان في يدك مليون دينار، تستطيع صرفها في ساعة وفي الوقت نفسه تستطيع استثمارها أو بناء مشروع بهذا المبلغ، وقد ينجح المشروع أو يفشل، ويعتمد ذلك على عوامل عديدة يعرفها أصحاب المشاريع التجارية والمتخصصين في السوق.
لكني سأقرب الصورة الاجتماعية للموضوع، أن تكون عندك فكرة وتحتفظ بها لا يعني أنك إنسان ناجح، لذلك يصرخ الكثير عندما يرى أشخاصاً ناجحين مدعياً أنهم سرقوا فكرته، هي ليست سرقة والفكرة تناولها الآلاف في قارات أخرى من العالم، لا توجد فكرة منسوبة لشخص واحد يتميز بعقل مختلف عن عقلنا، كل ما في الأمر أنه طبقها على أرض الواقع وقام بتسويقها وربما بالغ في مدح نفسه كي يظهر بصورة الشخص المخترع أو المبتكر، ولا أحد يلومه.
بعض الأشخاص يسردون أفكارهم بصوت عال، لمجموعة من الناس، لكن ما إن ينتهي حتى يصاب بخيبة أمل بسبب تعليقات بعض من حوله وتصغيرهم للفكرة أو محاولة تثبيط عزيمته حتى يتراجع عن الفكرة ويشعر أنها تافهة لا تستحق كل هذا الاهتمام. أريد القول إن في حياتنا مجموعة من الناس مهمتهم هي إشعارنا بسخافتنا وأننا ضعفاء فاشلون لا نقوى على السير في طريق النجاح. لو كان صديقاً فالتخلص منه أسهل من أن يكون فرداً في العائلة على سبيل المثال أو أحد الأشقاء، أيضاً لا يمنع الشخص من تحصين نفسه بسور من الفولاذ لا يسمح للناس بإيذائه.
نعم، هناك صعوبات قد تعوق الشخص ولكن ذلك لا يعني فشله أو نهاية الطريق. سأطرح مثالاً واقعياً في الكويت كافيه (...) من أشهر الكافيهات في الكويت والتي سعى أصحابها لانجاحه، أيضاً ينافسه في النجاح اليوم (...)، هما عبارة عن مشروع واحد، كافيه وما أكثر الكافيهات في الكويت والعالم! ولكن ما الذي يجعل تلك النماذج ناجحة اليوم في الكويت. أتمنى من هؤلاء الشباب القيمون على هذا النوع من المشاريع أن يسردوا قصص نجاحهم في المستقبل في كتب كي تتعلم الأجيال القادمة، وأن الفكرة وإن تكررت في كل مكان في العالم، لا يعني استهلاكها وفشلها.

