استيقظ العالم يوم الأحد الموافق 19 من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي على خبر تعرُّض متحف اللوفر في قلب العاصمة الفرنسية باريس لحادث سرقة. سبَّب الحادث الكثير من الحرج للحكومة الفرنسية، ليس لأنّ المتحف العريق سُرق، أو لأنّ ما سُرق يمسّ التاريخ الفرنسي ذاته، بمعنى أن المسروقات لا تتعلق بدولة من الدول التي احتلتها فرنسا في زمن الاستعمار الحديث، وأخذت تنهب من ثرواته المادية والفنية والتاريخية، ولكن كان جزءاً كبيراً من الحرج سببه الطريقة التي استخدمها اللصوص في اقتحام المتحف في نحو الساعة التاسعة والنصف صباح ذلك اليوم، وباستخدام رافعة تستعمل في نقل الأثاث المنزلي من وإلى الشقق السكنية، بعدها قاموا باقتحام قاعة أبوللو المخصصة لعرض مجوهرات التاج الفرنسي من عصر نابليون، وذلك من خلال إحدى النوافذ، ليقوموا بعدها بكسر ثلاث خزائن عرض (فتارين)، ونهب تسع قطع من المجوهرات، قبل أن يفروا من النافذة نفسها ويختفوا عن الأنظار. لم تستغرق السرقة سوى سبع أو ثماني دقائق، منها أربع دقائق فقط داخل رواق أبوللو الذي كُسرت وسُرقت فيه خزائن العرض (الفتارين) بالإضافة لسرقة 9 قطع من الحلي والمجوهرات، وبعدها لاذوا بالفرار من دون أن يحاول أحد اعتراض طريقهم! إن البساطة والجرأة وعنصر المفاجأة جعلت مهمة اللصوص سهلة، وتدور الشكوك حول ما إذا كان اللصوص - الذين لا يتجاوز عددهم الأربعة على الأكثر - من اللصوص المحترفين أم أنهم هواة؟ ويشير أصحاب الرأي القائل بأنهم هواة إلى سقوط أحد أثمن القطع المسروقة من شنطة ظهر أحدهم وهم يفرون! هذه القطعة عبارة عن تاج الملكة أوجيني، والمرصع بأحجار الماس والياقوت ويبلغ عددها نحو 1300 ماسة وحجر كريم. وفي بيان صدر عن وزارة الداخلية الفرنسية قالت إن التاج عثر عليه محطماً على الطريق الذي سلكه اللصوص، ولا نعرف - إلى وقت كتابة هذا المقال - درجة التحطم التي أصابت التاج.
ظلت البيانات تتوالى من كل من وزارة الثقافة الفرنسية ووزارة الداخلية، حيث أعلنت وزارة الثقافة أن القطع المسروقة لا تقدر بثمن نظراً لقيمتها التاريخية، وعلى الرغم من ذلك ذهبت التقديرات إلى نحو 105 ملايين دولار إذا ما تم بيع جواهر القطع المسروقة منفردة، بمعنى بيع الماسات وأحجار العقيق والزمرد وغيرها من الأحجار الكريمة بعيداً عن الحلي المسروق، والذي أصبح معروفاً بعد وضعه على النشرة الحمراء للآثار المفقودة أو المسروقة، وكلنا أمل في أن تعود المسروقات لمتحف اللوفر على وجه السرعة ليتمكن هذا المتحف العريق من أداء رسالته. والغريب في الأمر أنه كان قد أُعلن منذ فترة عن قرب البدء في تنفيذ مشروع تطوير شامل لمتحف اللوفر تتخطى ميزانيته الـ700 مليون يورو. والآن يبدو أن جزءاً كبيراً من هذه الأموال سيتم إنفاقه على منظومة التأمين الخاصة بالمتحف، الذي يعتبر من أكثر متاحف العالم زيارة، وقد زاره العام الماضي أكثر من 9 ملايين زائر. بالطبع ليست هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها اللوفر للسرقة، حيث كان هناك عدد من السرقات التي تمت على سنوات متباعدة. ولعل أشهر تلك السرقات تلك التي قام بها عامل صيانة إيطالي تمكن من الاختباء بالمتحف بعد إغلاقه في أحد أيام عام 1911. وبعدها استطاع بكل سهولة سرقة لوحة الموناليزا، والهروب بها إلى إيطاليا وإخفاءها لمدة عامين قبل أن يقرر بيعها لتاجر عاديات، والذي فضح أمره وأعيدت اللوحة مرة أخرى للمتحف.

