: آخر تحديث

التحريض على الأوطان مشروع خاسر

3
2
2

أحمد محمد الشحي

إن الحفاظ على الأوطان من أعظم الواجبات وأسمى المسؤوليات التي يتشاركها الجميع، قيادة وشعباً، أفراداً ومؤسسات؛ لما تمثله الأوطان من بيت جامع، وهوية راسخة، ومصدر أمن واستقرار وكرامة للإنسان، فحبه مستقر في فِطَر العقلاء، وصونه والحفاظ عليه مترسخ في وجدان الأسوياء، وقد قال الشاعر:

ولي ‌وطن ‌آليت ألا أبيعه

وألا أرى غيري له الدهر مالكا

ومن أشد ما يهدد هذا الكيان المتماسك حملات التحريض التي تستهدف وحدته، وتبث الشكوك في مؤسساته، وتحاول النيل من العلاقة بين أبنائه وقيادته، مستخدمة أدوات متعددة وأساليب متجددة، تتدرج من التلميح إلى التصريح، ومن إثارة العواطف إلى اختلاق الأزمات، ومن الأقلام والأوراق إلى المنصات الرقمية والمواقع الإلكترونية.

إن التحريض على الأوطان داء عضال فتاك، يصيب من يغيب عنهم الوعي ويضعف حسهم الوطني، ومن ينجرون خلف أجندات سلبية، ويغترون بشعارات زائفة، ويستندون إلى رؤى خاطئة في معالجة الواقع والتعامل معه، رؤى تضر ولا تنفع، وتهدم ولا تبني، والعجب أن بعضهم يزعم أن غايته الإصلاح، بينما وسيلته في ذلك الهدم والإفساد، فهل يمكن لمن هو فاقد للشيء أن يعطيه؟!، ويزعم بعضهم أنه يدافع عن الحقوق، فأين حق الوطن؟!، وأين حقوق أبنائه في أن يعيشوا بأمن وسلام واستقرار؟!

لقد أثبت الواقع المعاصر أن التحريض على الأوطان لا يقود إلى إصلاح، وإنما يفتح أبواب الفتن والشرور، فكم من مجتمعات انزلقت في دوامات فوضى بدأت قصتها بخطاب تحريضي يتستر وراء شعارات ومطالبات على حساب ما هو أولى، ثم انتهى بها الحال إلى انقسامات داخلية وصراعات أهلية وضياع للمكتسبات، وكم من أرواح أزهقت وملايين شردت وبيوت هدمت على رؤوس من فيها بسبب هذا الداء الخطير.

ومع تنوع هذه الأساليب والأدوات التي يستخدمها المحرضون على الأوطان تتضاعف أهمية الوعي المجتمعي، فإن المواطن الواعي هو خط الدفاع الأول في مواجهة حملات التحريض، فيقف صفاً واحداً مع قيادته وأبناء مجتمعه للحفاظ على اللحمة الوطنية ومكتسبات الوطن ومقدراته، ويعلم أن للكلمات أثراً مباشراً في أمن المجتمع واستقراره، وخاصة في زمن الفضاء الإلكتروني المفتوح.

كما يأتي دور المؤسسات المتنوعة في ترسيخ منظومة الأمن والاستقرار الوطني، وترسيخ مفاهيم المواطنة الصالحة، والعمل على تعزيز الوعي الوطني والقيمي، وبناء جسور الثقة بينها وبين المجتمع، لقطع الطريق أمام كل من يحاول الاصطياد في الماء العكر.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد