: آخر تحديث

عودة جحافل الإخوان وجامعات الوهيب

2
2
2

بمبادرة رائعة من شخصيات قوية في الحكومة، وبعد تيقنها من الخطورة التي تمثلها الأحزاب الدينية السياسية على أمن الدولة، قامت بحل الاتحاد الوطني لطلبة الكويت، الوعاء الذي طالما رفد حزب الإخوان بكوادرهم المستقبلية، وهي خطوة ترددت كل الحكومات السابقة في الإقدام عليها، على الرغم من أن الاتحاد لم يكن شرعياً أساساً.

جاءت الضربة القوية الثانية مع تشديد الرقابة على أعمال الجمعيات الخيرية، التي تشكل أغلبيتها الرافد والعصب المالي للأحزاب الدينية المتشددة، داخل الكويت وخارجها، حيث مُنعت، لبضعة أشهر، من تحويل أي أموال للخارج، بعد أن حامت شكوك كثيرة حول صحة ما تدعي القيام به من أنشطة، واعتبر تحويل الأموال لتلك المشاريع نوعاً من «غسل الأموال»، أو تمويلاً للإرهاب.

تغيرت مواقف الحكومة أخيراً، مما شكّل في نظر البعض تراجعاً عن سابق تعهداتها بتقليم مخالب الحركات الراديكالية، وربما نتيجة ضغوط ما.

فقد كانت الحكومة عازمة على توجيه كل أموال تبرعات الخارج لمنصة موحدة، كما هو جارٍ في السعودية، لكنها عادت وسمحت لعدد متنفذ من الجمعيات «الخيرية» بالعودة إلى سابق أنشطتها الخارجية.. «فلا طبنا ولا غدا الشر»!

كما سمحت الحكومة، أو غضت النظر عن قيام بعض الوزراء، ومنهم من يديرون الجهات الأخطر والأقوى تأثيراً في عقول الناشئة، بتعيين كبار المنتمين إلى حزب الإخوان في مناصب الوزارة الخطيرة والكبيرة، وشكّل ذلك تراجعاً خطيراً جداً، بعد أن اعتقدنا أن حزب الإخوان لن يعود إلى سابق تحكمه بتلك الجهات، بعد كل التخريب الذي تسبب به على مدى عقود، والذي كان السبب الأول وراء كل ما نعانيه من تخلّف على مختلف الأصعدة.

يقول الأكاديمي محمد الوهيب إنه تلقى اتصالاً من ولي أمر طالب متفوق، حصل على بعثة دراسية إلى جامعة مرموقة، بناء على اختيار وزارة التعليم العالي، لكن الوالد اكتشف قيام حزب الإخوان بحملة مكثفة أربكت خطط ابنه، ودعته إلى رفض الالتحاق بالجامعة المرموقة، بحجة تعاونها مع إسرائيل، وأن «كرامتنا أهم من تعليمنا»! وطلبت الحملة الإخوانية من الطلبة اختيار جامعات محددة، وشكل ذلك تدخلاً في أهم وأخطر مهام وزارة التعليم العالي، وتسييساً واضحاً للتعليم!

سنتفق مع شعار حملة الإخوان بأن «كرامتنا أهم من تعليمنا»، ولكن ماذا سيتبقى لنا إن أدى ذلك الاختيار إلى زيادة جهلنا؟ ألا يعني ذلك أن جهلنا قد يودي بنا، في نهاية الأمر، لأن نفقد حتى كرامتنا، وهذا ما رأيناه في ملايين الحالات أمامنا؟

ولو آمنا بصحة هذا الشعار، ولست من المعترضين عليه، إن كانت النوايا صادقة، فما الذي سيحدث إن قمنا بإرسال طلبة الطب، مثلاً، لجامعات غير معترف بها، فقط لأنها لا تدعم إسرائيل؟ وماذا سيكون علينا القيام به لو غيّرت هذه الجامعات، المحايدة، موقفها من إسرائيل بعد ثلاث أو أربع سنوات، هل سنسحب طلبتنا منها، وهم على أبواب التخرج؟

وكيف نضمن أن مَن أُرسلوا لتلقي العلم، بناء على خطة الابتعاث «الإخوانجية»، لن ينخرطوا في العمل السياسي، وهم الذين اختاروا تلك الجامعة لأسباب سياسية، وقاموا بأنشطة مخالفة لأنظمة تلك الدولة، وتم طردهم بسبب ذلك النشاط؟

وماذا عن أبناء من هم وراء هذه الحملة، وهل قاموا بالفعل بإرسال أبنائهم إلى الجامعات التي ليس لها أي تعاون مع إسرائيل، أم قاموا بالعكس، كما تعلمنا من شواهد كثيرة، عندما كانوا، وما زالوا، يرسلون أبناء الغير إلى ساحات القتال والانتحار، وإرسال أبنائهم إلى أفضل الجامعات الغربية؟

لست ضد أي حملة تهدف للإضرار بإسرائيل، لكن ليس على حساب صحتنا ومستقبلنا، وبالتالي أتمنى زيارة بيوت مَن هم وراء هذه الحملة لأبيّن لهم «نفاقهم وتناقضهم» مع وجود مئات المواد الغذائية والاستهلاكية في بيوتهم، وجميعها من شركات تدعم إسرائيل سنوياً بمليارات الدولارات، ولكي أذكرهم برفضهم السفر لأداء مناسك الحج بسيارات صينية، مثلاً، والإصرار على السفر إليها، بمئات الآلاف، بطائرات صنعتها الشركات نفسها، التي سبق أن زودت إسرائيل بمقاتلاتها؟ هنا تصبح المسألة.. فيها نظر!

ملاحظة: بسبب المعاناة التي كان يلقاها الطلبة خلال رمضان، فقد قرّر الوزير الطبطبائي تعطيل الدراسة في الأسبوع الأخير من رمضان! لكن طالما أنها معاناة، فلمَ لا يشمل التعطيل الشهر كله، فهذا لن يزيدنا تخلفاً؟!


أحمد الصراف


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد