: آخر تحديث

زغلول النجّار.. ودراما الإعجاز العلمي

3
3
3

عن 92 عاماً رحلَ عن عالمنا الدكتور زغلول النجّار، وذلك في العاصمة الأردنية عمّان التي اتخذها مُقاماً له في السنوات الأخيرة، ومركزاً ينشر منه أفكاره ومقولاته.

عُرف النجّار -رحمه الله- بحضوره العامّ في المحاضرات والندوات، كما حضوره الإذاعي، حيث كان يُقدّم برنامج «مع العلماء»، عبر أثير إذاعة «حياة إف إم» في الأردن.

إذا قيل اسم زغلول النجّار، يرتبط فوراً بمقولة «الإعجاز العلمي في القرآن»، ثم لاحقاً نقل هذا الإعجاز إلى السنّة النبوية، وتلك مُهمّة أشقُّ وأصعب، بسبب ضخامة ما يُنسب للسنّة النبوية من نصوص، وتعريف ما هي السنّة النبوية، ونعلم الكتب الكثيرة التي كتبها علماء الحديث والنقد والتعليل في صحيح الحديث وضعيفه.

خصّص الدكتور زغلول حياته وإنتاجه من أجل مقولة الإعجاز العلمي، رغم فقدان هذه المقولة لبريقها ومناخ وجودها في القرن الماضي، له أكثر من 45 كتاباً، عموده الأسبوعي في جريدة «الأهرام» بعنوان «من أسرار القرآن».

هو أهمّ من نظيره اليمني الراحل عبد المجيد الزنداني في هذا المِضمار، رغم أن الشيخ الإخواني اليمني - رحمه الله - كان له البريق الأكبر في فترة ما.

الحقيقة أنَّ هذه المقولة جدلية منذ ولادتها، وكان أبرز من شُهر بها هو الشيخ الأزهري طنطاوي جوهري من تلامذة الشيخ محمد عبده (توفي 1940 عن 70 عاماً) في تفسيره الشهير «جواهر القرآن»... كانت له تجربة جديدة في محاولة تفسير القرآن في ضوء مكتشفات العلم والتوفيق بين الدين والمدنية الحديثة.

في ذلك الوقت، وقبله، كانت الثورة العلمية في الغرب، هي «التريند» العالمي و«روح العصر» وقائدة النهضة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية، وليس فقط العلوم المحضة.

بسبب ذلك هُوجمت المقولات الدينية في العلوم والظواهر مثل الفلك، بسبب لا علميتها، ما حفّز بعض أنصار الكتاب المُقدّس في الغرب، للبرهنة على أنَّ التوراة والإنجيل سابقة للعلماء والعلوم العصرية في الكشوفات والنظريات العلمية الكُبرى.

تلقّى بعض «المشايخ» والمثقفين المسلمين هذه الفكرة، وعملوا لها مضاهاة إسلامية، ومن أشهرهم كما نوّهنا الشيخ طنطاوي جوهري، الذي لاقى تفسيره العلمي هذا رفض كثيرٍ من علماء الدين المسلمين، وأن ما صنعه جوهري ليس سوى اعتسافٍ وتكلّفٍ، وجرأة على التلاعب بدلالات النصوص والمُفردات القرآنية.

د. زغلول النجّار، المتخصص في الجيولوجيا، الذي كان عمره حين وفاة الشيخ طنطاوي جوهري سبع سنوات، نهل من هذه المياه... هو التتويج والنهاية لهذه «الموضة» الثقافية المأزومة.

في الأردن، مُستقرّه الأخير، كان موضع جدلٍ وسجالٍ في أكثر من مناسبة مع الوسط الأردني الثقافي، حتى من بعض الإسلاميين الذين يرفضون مقولة الإعجاز العلمي في القرآن.

من مقولات النجّار- رحمه الله - الجريئة غاية الجرأة هي دعوته لكل أصحاب الاختصاصات العلمية المحضة من أبناء المسلمين، لتفسير القرآن من واقع تخصّصهم:

«حتى ولو لم تكن تلك المعارف قد ارتقت إلى مستوى الحقائق الثابتة؛‏ وذلك لأن التفسير يبقى جهداً بشرياً خالصاً».


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد