ذكر الأستاذ خالد العبدالمغني، في مقال نشر في «الجريدة»، نوفمبر 2020 (بتصرف)، أنه تلقى قبل كتابة مقاله بعشرين عاماً، نسخة من تعداد سكان الكويت لعام 1957، مهداة من أحمد محمد الناهض، مدير إدارة التعداد، في حينها، طالباً منه حفظها في أرشيفه التراثي للتاريخ وللأجيال القادمة.
ذكر الأستاذ العبدالمغني أن التعداد جرى بناءً على تعليمات سامية من الشيخ عبدالله السالم، وصدر عام 1957، وتضمن تكليف دائرة الشؤون القيام بمهمة تعداد السكان، مؤكداً نقطةً مهمة، وهي أن الإحصاء لم يترك شخصاً أو حياً على أرض الكويت إلا ووصل لهما، وأن ذلك يمثل رداً على مَنْ اعتقد أن الإحصاء كان خاصاً بسكان مدينة الكويت القديمة وقراها وجزيرة فيلكا فقط، لكن الحقيقة أنه تم تقسيم كامل أرض الدولة لعشرين قطاعاً، تولى مسؤولية كل قطاع رئيسٌ تعاوِنُه لجنة، ومعهم مرافقة أمنية، بحيث لم يترك هؤلاء أي مبنى سكني أو حوطة أو شبرة أو خيمة أو عشة أو بيت شعر في البر، إلا وقاموا بتسجيله وإحصاء ساكنيه، بأسمائهم وجنسياتهم وأعمالهم، وصدر كل ذلك في تقرير تفصيلي من 364 صفحة.
وعندما تشكَّلت لجان الجنسية الكويتية في 1959، أصبحت كل الأمور واضحةً تماماً، فسكان المدينة وقرى الكويت وأهالي فيلكا ليست لديهم أي مشكلة، وعندهم وثائق تملُّك لبيوتهم، كما ساهم إحصاء 1957 في التعرف على سكان البادية، رغم قلة العدد الذي ظهر في الإحصاء، لانتفاء عهد البادية، وانخراط سكانها بالمدينة، بعد أن أخذوا حقوقهم كاملة، ولم يترك أي مستحق خارج الحسبة.
خلاصة القول: إن تعداد المواطنين الكويتيين في إحصاء عام 1957 بلغ 59154 من الرجال و54468 من النساء، ومجموعهم 113622 مواطناً، وهذا ما تقوله الوثائق التاريخية، الصحيحة. وما جاء من زيادة في أعداد السكان، بعد ذلك، أمر مستغرب، وشهدنا نتائجه، أخيراً.
دفعتني ملاحظة الأستاذ العبدالمغني، في عجز المقال عن البحث في الذكاء الاصطناعي، عما يشفي غليلي، فقمت بتوجيه السؤال التالي، أولاً: ما متوسط معدلات الزيادة السكانية في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، علماً بأنها دولة غنية ويقصدها المهاجرون من كل أنحاء العالم.
جاء الجواب كالتالي: الزيادة الطبيعية (عدد المواليد ناقص عدد الوفيات) كانت في حدود 0.15% إلى 0.2% سنوياً، لكنها في تراجع مستمر مع انخفاض معدلات الولادة، وارتفاع عدد الوفيات. أما أعداد المهاجرين (صافي أعدادهم ناقصاً عدد المغادرين) فقد أصبحت هي المصدر الأساسي لتزايد أعداد السكان، حيث بلغت بين 0.8% إلى 0.9% سنوياً، اي أقل من 1%، وأحياناً تجاوزت وحدها معدل النمو الطبيعي.
وعطفاً على هذه الأرقام، قمت بتوجيه السؤال التالي للذكاء الاصطناعي: كان تعداد المواطنين الكويتيين عام 1957 من الرجال 59154 ومن النساء 54468، بإجمالي 113622 فرداً، فماذا يفترض أن يكون عددهم اليوم، بعد قرابة 70 عاماً، طبقاً لأعلى معدلات النمو والتوالد؟ فجاء الرد كالتالي:
لو افترضنا أن أعلى معدلات النمو السكاني استمرت دون توقف، أي 3.5% سنوياً، فإن عدد المواطنين الكويتيين اليوم، وبعد 70 عاماً تقريباً، كان سيصل إلى حوالي 1.178.700 نسمة تقريباً!!
وبما أن عدد المواطنين اليوم يبلغ 1.566.200 فهناك زيادة غير طبيعية تبلغ قرابة 400 ألف. ولو افترضنا أن نصف هؤلاء تم تجنيسهم في الفترة من 1957، وحتى 1965، يتبقى لدينا 200 ألف شخص، لا نملك تفسيراً لوجودهم بيننا. وبالتالي لا خيار لنا غير إيكال الأمر إلى مَن بيدهم الأمر.
أحمد الصراف

