خالد بن حمد المالك
يحمل الأمير محمد بن سلمان حاسة إنسانية غاية في الجمال، وصورة لا تتكرر بمثل ما فعله ويفعله سموه، من حيث سرعة الاستجابة، والتفاعل، وإعلان رد فعله بإعجاب وتقدير، بمثل ما حدث قبل أيام عندما تقدم المواطنين للتبرع بالدم، بدءاً بنفسه، ما سُجل على أن المواطنين موضع اهتمامه في الرؤية، والمعاضدة، كوننا في طول البلاد وعرضها أسرة واحدة، وقلباً واحداً، كما حققها لنا الملك الموحد عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه.
* *
الموقف الذي أريد أن يكون موضوعي لهذا اليوم، وأثار في نفسي الإعجاب لشجاعة المواطن (ماهر الدلبحي) حينما عرَّض نفسه للخطر ليحمي غيره منه، وما لاقاه من عناية بتكريم مستحق من القيادة تمثَّل في منحه وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، ومكافأة مليون ريال، ونقله للعلاج من آثار الحريق إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، في بادرة تتكرر من الملك سلمان، ومن الأمير محمد بن سلمان.
* *
قصة ملهمة تبدأ من محطة الوقود بالدوادمي، الخطر يُهدد، ولم يبق سوى دقائق لمواجهته والتصدي له، وفي الموقع كان هناك رجل شجاع فدى بنفسه من أجل إنقاذ الآخرين، كان هذا الرجل البطل هو المواطن ماهر الدلبحي، وفي التفاصيل فقد هرب الأجنبي بعد مشاهدته لحريق في السيارة التي كان يقودها وتركها بين أربعة صهاريج مملوءة خزاناتها بالوقود، وسيارات أخرى، ومساكن وقصر أفراح، وغيرها مما ينذر بكارثة كان ضحاياها على موعد مع كارثة كبيرة.
* *
أساء السائق الأجنبي التصرف بتوجيه سيارته إلى محطة الوقود في لحظة بدء نشوب اشتعالها، وأساء ثانية حين لم يوجهها إلى مغسلة السيارات، حيث الماء لإطفائها، وأساء مرة ثالثة حين تركها تحترق في موقع بين نيران جاهزة للاشتعال وهرب، ليكون الإنقاذ على يد الرجل المقدام المواطن الشجاع الدلبحي الذي أسرع من موقعه، وتولى قيادة السيارة وهي مشتعلة، وأبعدها عن مكان الخطر، منقذاً أعداداً من البشر كانوا موجودين لحظة الكارثة.
* *
تعرّض الدلبحي لحروق، ما يدل على أنه لم يفكر بنفسه بقدر تفكيره بهذا العدد الذي سيكون وقوداً في هذا الحريق، خاصة عندما تنفجر السيارات الأربعة المملوءة بالبنزين والديزل وخزانات المحطة وغيرها من المواد المساعدة على حدوث حريق كبير كان متوقعاً، لولا أن الدلبحي كان على الموعد، بحسه الوطني، ومشاعره الإنسانية، وشجاعته في الإقدام على ما عجز غيره عن القيام به.
* *
إن مبادرة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بتبني تكريم المواطن الشجاع تنم عن تشجيع المواطنين على فعل الخير، وممارسة الأعمال الجليلة، واعتبار كل مواطن جندياً في خدمة بلاده ومواطنيه، وحاضراً لحظة الحاجة إليه في أداء الواجب، متى كان النداء.
* *
وهذه الحالة على أهميتها من حيث المعنى والمدلول والقيمة والإشارات الإيجابية، فإنها لا تُخفي أبداً أن من بين محفّزاتها، هذا الاهتمام من القيادة، والمتابعة لكل عمل جميل وتشجيعه، فكان أن رأينا مجتمعنا من حين لآخر زاخراً بالنماذج والصور التي جاءت مبادرة المواطن الدلبحي لتذكرنا بها، وتؤصّلها من جديد بين شبابنا المقتدر.