هذه ترجمة، بتصرّف، لبحث طبي قيّم، كتبته كارولين غراهام لـ«النيويورك تايمز»، تضمّن آراء عدد من أشهر أطباء أمريكا في ما تعلق بكيفية حماية الأذن وتنظيفها.
كانت النصيحة الأولى، التي اتفق الجميع عليها، التحذير من خطورة دس أية مواد صلبة داخل الأذن، حتى عيدان الأذن القطنية، سواء لتنظيفها أو لوقف الحكة! فعلى الرغم من أن إصابات ثقب طبلة الأذن «نادرة جداً»، فإنها قد تكون خطيرة، وعندما تحدث، فغالباً ما تكون أعواد القطن هي السبب.
خطورة إدخال أعواد القطن في الأذن، يكمن في أن الشمع بداخلها ليس عدوّاً يجب التخلّص منه، فهذه المادة اللزجة، والمفتتة أحياناً، والمكونة من إفرازات الجلد الدهنية والعرق وخلايا الجلد الميتة، تحمي الأذن الداخلية الرقيقة عن طريق منع المواد المهيجة، مثل الأوساخ والغبار والبكتيريا والفطريات، من دخول الأذن، كما تساعد في تنظيم رطوبتها. إضافة لذلك يساعد شمع الأذن أيضاً في إزالة خلايا الجلد الميتة المتساقطة من الأذن الداخلية. فعند الاستحمام، أو عند تحريك الفك خلال التحدث أو المضغ، يحمل شمع الأذن خلايا الجلد الميتة من أعماق قناة الأذن إلى الأذن الخارجية، حيث يتم دفعها للخارج في النهاية.
تقول د. هاي أوك، المتخصصة في علاج اضطرابات الأذن الداخلية بجامعة كولومبيا، إن محاولة إزالة شمع الأذن باستخدام أعواد القطن قد تُهيّج جلد الأذن الداخلية الحساس، وأن ألياف أعواد القطن، على الرغم من مظهرها الناعم، فإنها في الواقع خشنة للغاية، وخشونتها قد تدفع الأذن لإنتاج المزيد من الشمع لحماية الجلد، الذي أصبح أكثر عرضة للتلف، كما أن هذه الأعواد قد تدفع شمع الأذن إلى عمق قناة الأذن، حيث تتراكم، وتتسبب في أعراض، مثل الحكة والألم والشعور بالامتلاء أو الدوار. وإذا تفاقم الوضع، فقد يتسبب ذلك في ضعف السمع أيضاً.
يُقدر أن 5% من البالغين في الولايات المتحدة يُعانون من تراكم شمع الأذن، أو انحشاره، على الرغم من أنه قد يكون أكثر شيوعاً لدى كبار السن، أو أولئك الذين يستخدمون أجهزة السمع، كما أن الأشخاص الذين يعانون من أمراض جلدية، مثل الأكزيما أو الصدفية، قد يكونون أكثر عرضة لخطر الانسداد، وكذلك الأشخاص الذين تكون قنوات آذانهم ضيقة، أو صغيرة أو مختلفة الشكل. وإذا شعر الإنسان بانسداد الأذن، فمن الأفضل مراجعة مختص، وليس العبث بها.
أما أفضل طريقة للحفاظ على نظافة أذنيك وصحتهما فتكمن في ترك شمع الأذن وشأنه. ولكن إذا كانت الرغبة في البحث داخل الأذن قوية، خاصة إن علمنا أن الأذن مبطنة بنهايات عصبية، إن تم تحفيزها، فيمكن أن يخلق ذلك شعوراً ممتعاً، وبالتالي عند الرغبة في تنظيف الأذن فإن علينا استعمال منشفة رطبة لمسح الصيوان، أو الجزء الخارجي منه، مثلما نمسح أي جزء من الجسم، ويجب ألا يمتد التنظيف إلى الداخل، أبداً.
كما يمكن تجربة قطرات الأذن، للمساعدة في عملية التنظيف الذاتي، الطبيعية، وهذه تباع من غير وصفة، وهي ملائمة لمن يعانون من جفاف طبيعي في شمع الأذن، فالقطرة تليّن الشمع، وهذا يسهّل خروجه بشكل طبيعي.
وعليه نكرر نصائح الأطباء بضرورة الامتناع تماماً عن استعمال أية أدوية لكشط أو جرف شمع الأذن، لخطورة ذلك، كما ينصحون بتجنّب تنظيف الأذن بطريقة القمع مع الشمع، الذي يتضمن وضع الطرف غير المُضاء لشمعة مجوفة في قناة الأذن وإضاءة الطرف الآخر، فمن المفترض أن يُولّد هذا قوة شفط تُسحب شمع الأذن للخارج، ولكن هذه الطريقة غير فعّالة وخطيرة، وقد تُؤدي إلى حروق، والشمع المرئي، الذي قد يعتبره البعض دليلاً على نجاح هذه التقنية، هو غالباً مجرد شمع من الشمعة نفسها، وليس من شمع الأذن.
أحمد الصراف