خالد بن حمد المالك
الثنائي الأمريكي الإسرائيلي يصران على إنهاء دور اليونيفيل الموجود لضبط الأمن على الحدود بين لبنان وإسرائيل، ممثلاً للأمم المتحدة، فيما يدعو لبنان إلى استمراره إلى حين تطبيق القرار (1701) خاصة مع تزايد نشاط الجيش الإسرائيلي، وعدوانه المستمر على لبنان، واحتلاله لخمس نقاط جديدة من الأراضي اللبنانية في الجنوب، وتهديده باحتلال المزيد.
* *
من الواضح أن هدف أمريكا وإسرائيل بإنهاء دور الأمم المتحدة لمنع مراقبة الوضع على الحدود والسماح لإسرائيل بالعبث بالمنطقة دون وجود رقيب، وإكمال المشروع الإسرائيلي يجعل جنوب لبنان تحت النار، حتى وميليشيا حزب الله قد أجبرت على مغادرة المكان، واستعداد الجيش اللبناني لتحمّل المسؤولية بديلاً عن الحزب، أي أن المؤامرة الإسرائيلية لا تكتفي بطرد حزب الله من الجنوب، وإنما لبسط سيطرتها على حدودها من داخل لبنان، كما تفعل الآن مع سوريا.
* *
الموقف الإسرائيلي المعلن، يفسر سياسة الدولة الإسرائيلية من أن لها أطماعاً توسعية معلنة، دون وجود حدود لها، فهي لا تعترف بأن حدود أرضها بما هو قائم من احتلال حتى الآن، سواء من الأراضي الفلسطينية أو السورية أو اللبنانية، أو ما بعد ذلك، متى كان لديها القدرة لمزيد من ضم أراض ليست لها بقوة السلاح.
* *
إسرائيل الكبرى كما أعلن نتنياهو عنها، حلم إسرائيلي قديم جديد، مع أنه يتعذر على أي قوة في الأرض -بما فيها إسرائيل- أن تسيطر على أراض يقطنها قرابة مئتي مليون مواطن عربي، وتتمتع بقوة عسكرية هائلة إذا ما واجهت إسرائيل متحدة معاً بكل ما تملكه من قدرات بشرية وتجهيزات عسكرية.
* *
تأخذ إسرائيل بسياسة الاحتلال على مراحل، وبما يتسق مع الظروف، وتستغل كل الأحداث وتطوّعها لصالحها، وتظهر للعالم بأنها المعتدى عليها لكسب عطفه، وبأنها أمام خطر محدق، وأنها مهددة وجودياً، وأن ما تقوم به من عدوان هو من باب الدفاع عن النفس، وحماية اليهود الذين تُحاط دولتهم بالأعداء العرب والمسلمين، وتُؤخذ هذه المعلومات الكاذبة على محمل الجد، دون وجود قوة ناعمة لدى العرب لفضح أكاذيبها.
* *
كل الفرص التي أتيحت للعرب لهزيمة إسرائيل في بداية إنشائها في العقدين الماضيين من القرن الماضي فرّط العرب بها، نتيجة سوء التنسيق، والخلافات فيما بينهم، وعدم الاستعداد عسكرياً بما يكفي، بينما كان العدو الإسرائيلي أكثر استعداداً وتخطيطاً وتنظيماً لضرب العرب بعضهم ببعض حتى كانت الكارثة في حرب 1967م، وما بعدها، حيث توالت الاعترافات والتطبيع مع إسرائيل، والقبول بها دولة دون أن يكون هناك دولة فلسطينية مقابل الاعتراف بإسرائيل.
* *
الآن تُجدد المملكة تحرّكها، وتسخّر كل قدرتها للأخذ بخيار الدولتين، وفقاً للمبادرة العربية التي انطلقت من الرياض، وأعلن عنها في مؤتمر القمة العربية في بيروت، واعتماداً على قرارات الشرعية الدولية، وسيكون موعد هذا الاعتراف الشهر القادم، وهذا أكبر انتصار تحققه القضية الفلسطينية منذ الاحتلال وإلى الآن.
* *
لكن إسرائيل لا يفيد معها الضغط الدولي، طالما ظلت أمريكا ترفض إقامة الدولة الفلسطينية، وتشجع إسرائيل على احتلال الضفة والقطاع، ويصرّح رئيسها ترامب ويفعل بما يقوّض أي جهد لإحلال السلام والاستقرار في المنطقة إذا كان لا يحقق أطماع وتوسع إسرائيل على حساب جيرانها.