خالد بن حمد المالك
لا جدال بأن الهجمات الإسرائيلية على سوريا، والتدخل في شؤونها الداخلية بذريعة حماية الأقلية الدرزية تعد انتهاكاً لسيادة سوريا، وخرقاً للقوانين والأعراف الدولية، واستخفافاً بالجهود الدولية لتحقيق الأمن والاستقرار في سوريا.
* *
وإذا تُركت إسرائيل تتصرَّف على نحو ما فعلته في سوريا، دون محاسبة أو عقاب، ودون إلزامها بوقف هذا التهديد الذي يتنافى مع القوانين الدولية، فسوف تعطي نفسها الحق في تكراره بدول أخرى بذريعة الدفاع عن فئة من مواطنيها كما فعلت في سوريا مع ادعائها حماية الأقلية الدرزية.
* *
وبينما يستمر العدوان الإسرائيلي المتواصل على أكثر من جهة، يأتي التسامح مع إسرائيل سبباً في عدم الاستقرار في المنطقة، ويهدِّد بتصعيد هذا العدوان، بامتداده إلى دول أخرى، دون سبب أو مبرر، مستفيدة من صمت العالم عن جرائمها.
* *
فإسرائيل بأفعالها تهدف ضمن سياساتها إلى إشاعة الفوضى، واختلال الأمن، وانعدام الاستقرار، وعلى المجتمع الدولي أن يقوم بمسؤولياته في كبح جماح هذا العدوان على سوريا وغير سوريا، ودعم الحكومة السورية وتمكينها من السيطرة على كامل أراضيها، والتصدي للعبث الإسرائيلي.
* *
وما تقوم به إسرائيل يزيد من تفاقم العنف بين مكونات المجتمع السوري، ويغذِّي الخلافات، ويوسّع تأثيره السلبي، بينما يتعيّن على المجتمع الدولي أن يدعم جهود الحكومة السورية لإنجاحها في ضبط سيطرتها على كل شبر من الأراضي السورية، ولكنه لا يفعل بما فيه الكفاية، خاصة مع الإرهاب الإسرائيلي.
* *
ولدعم الحكومة السورية، وضمن الأولويات أن يتم تمكين أجهزتها الأمنية من القيام بواجباتها لبسط الأمن، وهذا يتطلب حصر السلاح بأجهزة الدولة، وحل أي كيانات مسلحة خارج سلطة الدولة، ومنع أي ممارسات من شأنها إثارة الفتنة والانقسام والنعرات والتحريض على العنف والاقتتال.
* *
نقول هذا لأننا أمام حكومة سورية تبذل جهوداً ملموسة لتحقيق الأمن والاستقرار، وفرض سيادة الدولة، وضمان وحدة سوريا، وحماية الشعب السوري، ومنع الممارسات التي من شأنها إثارة الفتنة وزعزة الأمن، ما جعل الحكومة السورية تتلقى التأييد والدعم من عدد من الدول.
* *
ولا نحتاج إلى التأكيد على أن الانقسامات والعداء بين مكونات الشعب السوري، وإشعال العصبيات الطائفية والمذهبية والدينية والعرقية، وإعلائها على الهوية الوطنية السورية الجامعة، إلى جانب طلب الحماية الأجنبية والاستقواء بها على سلطة الدولة السورية، إنما يشكِّل ذلك خطراً وتهديداً وجودياً على وحدة سوريا وأمنها واستقرارها.
* *
لكل هذا، فإن سوريا في هذه المرحلة أحوج ما تكون إلى انخراط جميع المكونات السورية في مشروع وطني مشترك قائم على التعايش، يتجاوز الانتماءات الطائفية والمذهبية والدينية والعرفية، لأن هذا هو الضمان والسبيل الوحيد لإرساء الأمن والاستقرار، وإلى انطلاق سوريا الجديدة نحو التنمية والازدهار.
* *
إن على السوريين بكل أطيافهم مسؤولية كبرى في الحفاظ على وحدة دولتهم واستقرارها، والحذر من إسرائيل وما تمثِّله من خطورة على استقرار البلاد، وزرع الفتنة بين مكونات الشعب لأهداف لا تخفى على أي أحد من الأشقاء السوريين، وإن التفاهم والتعاون والانخراط بالدولة يمهد الطريق لإعادة بناء سوريا من جديد، وضمان تعاون الدول الشقيقة ومساعدتها في هذه المرحلة من تاريخ النضال السوري ضد إسرائيل وأعداء سوريا.
* *
إننا على يقين بأن ما مرَّ بالسويداء السورية من قتال بين العشائر العربية والعناصر المسلحة قد فتح الأعين والضمائر على خطورة هذا القتال الدامي الذي غذَّته إسرائيل بتدخلها السافر في الشؤون الداخلية لسوريا دون أن يُطلب منها ذلك، وهي لن تتوانى مستقبلاً من تكرار ما حدث في السويداء ودرعا ومحافظات ومدن سورية أخرى ضمن أطماعها بالأراضي السورية، ونهجها في احتلال المزيد من أراضيها، وعلى السوريين عدم تمكين العدو الإسرائيلي مستقبلاً من أن يمارس تدخلاته على نحو ما حدث في السويداء.