: آخر تحديث

العلاقة بين السياسي والإعلامي.. ترمب نموذجاً!

4
4
3

مع كل معركة بين سياسيٍ مؤثر وكبير وإعلامٍ نافذٍ ومسيطر، نستمتع بالهجوم المتبادل بين الطرفين إعلامياً، وننتظر من سيربح، ونتساءل بعفوية، هل الإعلام سلطة مستقلة تُراقب وتُحاسب؟ أم هو مجرد أداةٌ مرنةٌ في يد من يدفع أكثر أو يصيح أعلى؟

الحال في الغرب مختلف، العلاقة بين السياسي والإعلامي علاقة توتر مدروس، فكلا الطرفين يعرف أنه لا يستطيع الاستغناء عن الآخر، لكنه لا يثق به أيضاً، فالسياسي يحتاج الإعلام ليُلمّع صورته، وليُسوّق قراراته غير القابلة للنقاش، والإعلامي يحتاج السياسي ليبني تفوقه وسبقه الصحفي بعناوين صحفية تُزيد نسب القراءة والمشاهدة وتُنعش الموقع الإعلامي وتجذب الأموال له، لكن في نهاية الأمر إذا تجاوز أحدهم الخط الأحمر، تنقلب اللعبة وتبدأ الحرب!

والرئيس الأميركي دونالد ترمب خير مثال وتطبيق لنموذج العلاقة بين السياسي والإعلامي، كونه لا يثق في الإعلام الأميركي، ويصف هذا الإعلام بأنه “عدو الشعب”، ومعاركه مع الصحافة سياسية بحتة، فهو لا ينتظر من الإعلام أن يمتدحه، بل يسبقهم بخطوة ويهاجمهم قبل أن يهاجموه، وآخر هذه المعارك ولا أعتقد أنها ستكون الأخيرة معركته الحالية مع صحيفة نيويورك تايمز بسبب اتهام الصحيفة له بالرسم الذي وُصف بأنه غير لائق، وقيل إنه أرسله قبل سنوات للشخصية المشبوهة جيفري إبستين.

الإشكالية في التحدي لإثبات صحة الرسمة أن الصحيفة لم تنشر الرسمة فقط، بل أعادت فتح أرشيف رسومات ترمب، وطبيعي أننا تابعنا الرد الغاضب له ونفيه أي علاقة بالرسمة وتهديده بمقاضاة الصحيفة ومؤسسة نيوز كورب المالكة لعدد من أبرز الصحف الأميركية، مطالبًا بـ 10 مليارات دولار تعويضاً.

هذه القضية المثارة حالياً هي قضية جماهيرية بكل أبعادها كون الإعلام طرفا رئيسا بها، مما يجعلني أعيد التساؤل الذي بدأته بالمقال ولكن بصورة مباشرة، هل الإعلام مستقل فعلاً؟ أم أن السياسي حين يمتلك قاعدة جماهيرية، يصبح هو من يُسيّر الرأي العام حتى لو خالفته عناوين الصحف؟

من وجهة نظري أنه في حالة الرئيس الأميركي، يبدو أن الإعلام تأثر به كما تأثر به خصومه، كونه رغم كل الانتقادات، هو "نجم" كل منصة إعلامية، فالإعلام في الغرب ليس فوق النقد، ومرتبط بالمصالح السياسة، لذلك نجد أن الرابح دائماً السياسي مهما كانت عناوين الإعلام مثيرة والأدلة واضحة، لتكون نظرية الحرية الإعلامية بالغرب والاستقلالية الإعلامية، لا تتعدى كونها مجرد نظرية أكاديمية!


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد