: آخر تحديث

جغرافيا سياسية بنكهة أخلاقية

3
2
3

ما رأيك في أن أعدّ لك شيئاً تترشّفه، غير عاديّ، جغرافيا سياسيةً، مفوّحةً بنكهة شرقية أخلاقية؟ بعد رشفتين أو ثلاث سأستخبرك عن طول الحيرة في كنه الغرب، المتصالح مع نفسه غروراً لا يرى أنه جاوز صندوق باندورا، فهل يا تُرى عجز عن تحقيق أهدافه ومراميه بأساليب لا تجعله صفحةً سلبيةً في كتاب التاريخ، بالرغم من ألوف فلاسفته ومفكريه، وأدبائه وفنانيه ومصلحيه؟ هل يجوز تصوّر الغرب خالياً ولو من نفر قليل من الساسة العقلاء، والخبراء الفضلاء، والعسكريين النبلاء؟القضايا لا تتطلب إجراءات معقّدةً. لا توجد على الكوكب كتلة تمشي في الأرض مرحاً زهواً ببالونات الديمقراطية كالغرب. هل يقوى الديك الرومي على منافستهم حين يضربون الأمثال للناس مستشهدين بصنيع الإمبراطوريات في آسيا وإفريقيا والقارّة الجديدة، خصوصاً روائع فيتنام ويوغوسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا، ولا تزال الفضائل تترى في غزّة وسوريا، والبقية تأتي.حين اتصل الرئيس ترامب، في رئاسته الأولى، بالرئيس الأسبق كارتر، طالباً المشورة في التعامل مع الصين، قال له: «إن الولايات المتحدة هي أشد الدول عدوانيةً في التاريخ، وإنها أهدرت ثلاثة تريليونات دولار في حروب خاسرة، بينما أنفقت الصين ثلاثة تريليونات دولار لإنشاء أكبر شبكة قطارات سريعة في العالم». أغلب الظن أن الرقم الكارتري مختزل، وإلا فإن جبال المديونية لم تُنفق في السهر على الصحة العامة والتضامن الاجتماعي والبنية التحتيّة والتعليم.من يجرؤ على إرشاد الإمبراطوريّة، في الاقتصاد تحديداً؟ لكنّ العقل يعجز عن استيعاب أن البنى التحتية هناك، والأوضاع الاجتماعية والضمان الصحي، والاستثمار في العلوم، هي سبب نجومية المديونية العامة، التي تجاوزت ستة وثلاثين تريليون دولار. التقتير جعل العلماء يهاجرون. الإمبراطوريّة أدرى بإبداع أخطائها، وحبكة مزالقها التاريخية. لكن الفضول يحشر تطفّله أحياناً، فيثرثر: لنحمل كلام رجل الفول السوداني الأسبق، جيمي، على محمل الصدق، ونتصور لو أن القوة العظمى أنفقت من التريليونات الثلاثة التي أهدرتها، نصف تريليون فقط على أحوج مئة من البلدان النامية، أي خمسة مليارات لكل واحد، كيف كانت اليوم مكانتها الأخلاقية الحضارية في عيون الشعوب؟ يقيناً كانت تحظى بمقام تاريخي أسطوري في منظومة القيم الإنسانية، بلا دم وإفقار وتجويع ودمار. سامح الله القلم، لا يملّ من أسطوانته المشروخة: «إن القوى العظمى حين تطأ المنحدر تُصاب باختفاء الذكاء».لزوم ما يلزم: النتيجة التحذيرية: الحماقة قشرة موز تلقيها فلسفة التاريخ للقوّة، قبل رفع إشارة قف.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد