: آخر تحديث

عبدالرحمن الشثري.. وجه الإعلام وأنموذج الإلهام

1
1
1

عبده الأسمري

بما بين متون «الإلهام» وشؤون «الإعلام» مضى يوزع «إمضاءات» الأثر، وينشر «إمضاءات» التأثير من عمق «الفكر» إلى أفق «الذكر»، ليستأثر بأصداء «السمعة» على مرأى «الحياد» كشخصية صنعت «الفارق» بين ثنايا «الانتماء» وعطايا «النماء». سكب «حبر» الرأي نصوصاً خالدة على أوراق «الصحافة»، وسبك «عبر» التجارب فصولاً ماجدة عبر صفحات «التنمية»، وكسب «تقدير» المتيمين بالعرفان أمام ومضات «المعروف»، فكان «الابن» البار للوطن و»السليل» السار للأسرة الذي أهدى عبير «المآثر» ببذخ في واقع «الذاكرة» ووقع «الاستذكار».

إنه الإعلامي المعروف أول رئيس تحرير لمجلة الحرس الوطني الأستاذ عبدالرحمن بن صالح الشثري -رحمه الله- أحد أبرز الإعلاميين في الوطن والخليج.

بوجه «نجدي» يسكنه بياض «المشيب» ونبض «الطيب» وتقاسيم «مألوفة» مسجوعة بألفة بارزة، وسحنة باسمة تتقاسم الشبه مع ملامح أسرته «عريقة» الأصل و»أصيلة» الفصل، وأناقة وطنية تتكامل مع هندام أنيق يتماثل على محيا عامر باللطف وغامر بالتواضع، وشخصية بارعة «اللفظ» بديعة «القول» أنيقة «الحضور» شيقة «التواصل لطيفة المعشر نبيلة «الوصال»، وكاريزما زاهية برونق «التعامل» تتسطر وسطها موجبات «التهذيب» وعزائم «الحسنى»، وصوت جهوري مزيج من لهجة نجدية» في مجالس «الأسرة» ومواقع «الأصدقاء» وفصيحة في منصات «الأفعال» ومحافل «الأعمال»، قوامها «مكنون» خبرة إعلامية ومقامها «مخزون» مسيرة احترافية.

قضى الشثري من عمره «عقوداً» وهو يبنى «صروح» التحرير على أركان من «التخطيط»، ويؤصل «أصول» التدبير على أسس من «التنفيذ» ويملأ دروب «العلا» بوقائع «التفوق».

في «حوطة بني تميم» درة «نجد» وجوهرة «الرياض» الثانوية في «قلب» التاريخ والفاخرة في «قالب» الجغرافيا وُلد عام 1363هـ (1944م) في «نهار» وزع نسمات «الفرح» بين أسرته «الصغيرة» وأهدى التعويض» لوالديه عن «إخوة» سابقين لم تكتب لهم «الحياة»، فكان قدومه بمثابة» الشعاع» الذي أزال «غمة» الوجع.. وامتزجت المباركة العائلية والبركة الحياتية في محفل واحد جمعها «قدومه الميمون».

احتضنه «والده» النجدي «الوجيه» المعروف بين قومه بسخاء «اليد» وطلاقة» اللسان» وإغاثة «الملهوف»، وملأ طفولته «الباكرة» بحرص ونصح شكّلا له خطان «متوازيان» من «التربية والتوجيه»، وظل ينهل من «حنان» والدته السيدة الفاضلة كل سبل العطف والحنان والاهتمام والتي شكلت له «أضلاع» الحظ» بالمكوث بين أيادي «أم عظيمة» علمته المضي في «سبل الرشاد».

وما أن بدأ «عبدالرحمن» ركضه في «مرابع» عشيرته وبين «منازل» عائلته وانطلق يحفظ تلك «التقاسيم» الناصعة بالمروءة والشهامة في وجه أبيه حتى تجرع مرارة «اليتم» بفقده عندما توفى وهو طفل لم يكمل «الخامسة»، وظل يسابق «صراعات» الفراغ وصدمات «الرحيل» وارتمى في «أحضان» والدته التي تمكنت من مسح «ويلات» الحدث من ذاكرته، وأبدلت المواجع بعاطفة «باذخة» ملأت قلبه برياحين «الجبر» ومضامين «العبر» والتي ظلت تنير «طريقه» بروائع «الدعاء» وبدائع «الابتهال» حتى توفاها «الله» في حادث على طريق «الحجاز» وهو في الثامنة عشرة من عمره، فاكتمل «اليتم» بدراً في أفق «الوجود» مما جعله يرسم «خرائط» المستقبل بحدود «متينة» من الصبر تحولت إلى «مناهج» صامدة أمام «موجات» الظروف.

نشأ الطفل «النابه بين أخواله وأعمامه، ومنهم الشيخ عبدالعزيز أبو حبيب، والشيخ عبدالرحمن بن محمد الشثري، والشيخ عبدالعزيز بن عبدالرحمن الشثري الذين أسبغوا عليه بوافر «الفضائل» ووفير «المكارم»، وأتم دراسته الابتدائية في «الحوطة» ثم انتقل إلى المعهد العلمي بالرياض وحصل منه على الشهادة الثانوية.

ارتهن «شاباً» إلى آفاق «المعرفة» وتلك «الأمنيات» التي حفظها في صدره وسجلها بين أوراقه، حيث أحب «الصحافة» وكان متيماً بالقراءة شغوفاً بالمعرفة، فاتجه إلى «ميدان صاحبة الجلالة» في شهر صفر عام 1384هـ مراسلاً صحافياً في صحيفة «الجزيرة» مع بداية صدروها، ثم انتقل على ذات «المسمى» بصحيفة الرياض عند صدورها في مطلع 1385هـ ومارس عمله باقتدار في الشؤون المحلية وكتابة المقالات التحليلية.

وبعد أن أمضى وقتاً بالعمل الصحافي انتقل للعمل برئاسة الحرس الوطني، حيث عمل في بداياته سكرتيرًا للعلاقات العامة، ثم مديرًا للعلاقات العامة، ثم تم تعيينه في عام 1400 كأول رئيس لتحرير مجلة الحرس الوطني، واستمر في منصبه لمدة أربعة عشر عامًا حتى عام 1414هـ.

امتاز الشثري بحبه للعمل وإتقانه مهامه وحرصه على الجودة والإجادة في الأداء وشغفه الكبير بالإنجاز الذي اقترن باسمه في محطاته العملية وارتبط بسيرته «العصامية» التي حولت «أوجاع» اليتم إلى «تجربة كبرى» بنى بها «صرح» الذكر ونال بها «واجب» الشكر.

‏كان قريباً من الجميع بمسافات «متقاربة» ووفق زوايا «منفرجة» على «الخير»، وظل مرتبطاً بمسقط رأسه ومدينته الأولى «الحوطة» التي علق على أسوارها «مواعيد» الوفاء، حيث قام بالعديد من الإنجازات ومنها افتتاح أول مكتبة لبيع الكتب والمساهمة في افتتاح المكتبة العامة وعدد من مدارس تعليم البنات. ودعم إنشاء مكاتب للأحوال المدنية والجوازات وكتابة العدل. والمساهمة في إنشاء مركز لغسيل الكلى ومستشفى لخدمة الأهالي وإنشاء نادي الأنوار الرياضي ودعمه رياضيًا واجتماعيًا.

مر في حياته بالعديد من «المنعطفات» وواجه الكثير من التحديات، حيث أصيب عام ‏ 1417هـ بالفشل الكلوي بعد قصور في وظائف الكلى وبعد عام خضع لعملية زراعة كلية في مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني بالرياض.

وقد وظف الشثري تجربته مع المرض إعلامياً حيث كتب عدة مقالات وشارك في برنامج تلفزيوني حول معاناة مرضى الفشل الكلوي.

رفع الشثري اقتراحاً إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان لإنشاء جمعية تعنى برعاية مرضى الفشل الكلوي، حيث أسهم في تأسيس جمعية الأمير فهد بن سلمان لرعاية مرضى الفشل الكلوي وكان عضوًا في الجمعية خلال انطلاقتها وأعوامها الأولى وساهم بفكره وخبرته في دعمها، وقد توسع نشاطها لتصل إلى مناطق الوطن الأخرى.

وعلى الرغم من متاعب المرض فقد ظل مجلسه مفتوحاً لأهل الثقافة والعلم وجيرانه ومعارفه بشكل يومي ثم تحول إلى أسبوعي ثم شهري بسبب ظروفه الصحية.

وبعد أعوام من مجابهة المرض انتقل الشثري إلى رحمة الله تعالى يوم الجمعة 16-1-1447هـ بعد معاناة طويلة مع المرض، وصلي عليه بجامع الملك خالد ودفن بمقبرة عرقة بمدينة الرياض، وقد حضر جنازته والصلاة عليه نائب أمير منطقة الرياض وجموع من الأمراء والمسؤولين، وقد تناقلت وسائل الإعلام نبأ وفاته ونشر العديد من أصدقائه وتلامذته مقالات نعي وصفت سيرة الراحل وأثره ومآثره.

عبدالرحمن الشثري وجه الإعلام الأصيل وأنموذج الإلهام النبيل الذي وضع بصماته «الساطعة» في صفحات «المبدعين» وترك إمضاءاته «الواعدة» في مقامات «المؤثرين.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد