: آخر تحديث

منهج «الذكاء»الاصطناعي.. صناعة جيل المستقبل

1
1
2

صيغة الشمري

في خطوة تعكس رؤية المملكة الطموحة نحو المستقبل، أقرَّ مجلس الوزراء مؤخراً قراراً تاريخياً قضى بإدراج منهج الذكاء الاصطناعي ضمن مراحل التعليم المختلفة، مما يؤكد التزام قيادتنا الرشيدة -حفظها الله- بتنمية القدرات البشرية، وتعزيز الاقتصاد المعرفي، وتأهيل جيل جديد يمتلك أدوات المستقبل ويواكب التحولات التقنية المتسارعة التي يشهدها العالم. ويأتي هذا القرار في وقت شهد فيه اهتماماً غير مسبوق بالذكاء الاصطناعي، الذي بات يؤثِّر في مختلف جوانب الحياة اليومية والمهنية، من الصحة والتعليم إلى الصناعة والأمن والطاقة، وهو ما يجعل الإلمام بأساسياته ضرورة حتمية لا ترفاً معرفياً، وبالتالي فإن دمج هذا المجال الحيوي في مناهج التعليم يعكس إيمان المملكة بأن المستقبل سيكون لمن يتقن التقنيات ويمتلك المهارات الرقمية التي تمكّنه من المنافسة في سوق عمل متغيِّر ومتجدِّد.

وبالتأكيد، حمل في طياته أبعاداً إستراتيجية على مستوى التنمية الوطنية، فهو لا يقتصر على إعداد كوادر تقنية فحسب، بل يسهم في بناء عقلية نقدية ومنهجية تحليلية لدى الطلاب، تشجعهم على الإبداع والابتكار، فضلاً عن تعلمّ مهارات حل المشكلات واتخاذ القرار.

ومما لا شك فيه أن تعليم الذكاء الاصطناعي منذ مراحل مبكرة يرسخ الفهم العميق للتكنولوجيا الحديثة، ويمكِّن الطالب من استخدامها بشكل مسؤول وأخلاقي، بعيداً عن المفاهيم المغلوطة أو الاستخدامات السلبية التي قد ترافق هذه التقنيات في بعض البيئات غير المؤهلة.

وقد اتخذت وزارة التعليم خطوات عملية بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) لتطوير مناهج تعليمية حديثة، وإعداد معلمين مؤهلين لنقل هذه المعارف بأساليب تربوية مبتكرة تتناسب مع عمر الطالب واحتياجاته التعليمية، وذلك بهدف خلق قاعدة معرفية واسعة من الشباب القادرين على قيادة مشاريع التحول الرقمي، وتأسيس شركات ناشئة في مجالات الذكاء الاصطناعي، وتعزيز البحث العلمي والابتكار، حيث يشمل المنهج وحدات دراسية متخصصة في الذكاء الاصطناعي، تراعي خصائص المراحل العمرية، وتقدم بأساليب تفاعلية وتطبيقية، كما تتضمن الخطط آليات ربط معرفي بين المراحل؛ لضمان تراكم المهارات وبنائها تدريجياً، على أن تدرج نتائج التعلّم ضمن منظومة التقييم الشامل لأداء الطلاب وتحصيلهم. ويدعم المنهج الجديد توجه المملكة لتكون مركزاً إقليمياً عالمياً في التقنيات المتقدمة، ويمنحها مكانة رائدة في الاقتصاد الرقمي العالمي. كما يسهم في بناء جيل يدرك أهمية التحولات التقنية.

وتدل هذه الخطوة على أن المملكة لا تكتفي بالاستهلاك التقني، بل تسعى بجد لتكون منتجاً للمعرفة من خلال الاستثمار في الإنسان، وتوفير البيئة التعليمية المناسبة لصقل مهاراته ومواهبه.

وإدراج الذكاء الاصطناعي في التعليم ليس نهاية المطاف، بل بداية مسار طموح لإعداد جيل يقود المستقبل، يتقن لغة التقنية، ويبدع في استخدامها لخدمة مجتمعه ووطنه. وبهذا القرار الذي يعكس الفكر المتقدم لقيادة المملكة تؤكد السعودية أنها تسير بخطى واثقة نحو بناء مستقبل مزدهر، يربط بين التعليم والاقتصاد والابتكار، ويمنح أبناءها مفاتيح التفوق في عالم لا يعترف إلا بالعلم والتطور.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد