«بذا قضتِ الأيام»، كما قال عمنا الضخم من قبل، المتنبي.
وبذا انتفع أصحاب تطبيق «سيغنال» بعد واقعة «سيغنال غيت» كما توصف في الميديا الأميركية، أو بعضها، وغيرها.
خلاصة الأمر- كما يعلم من تابع - أن مجموعة وزراء ومسؤولين كبار في إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، صنعوا مجموعة «دردشة» خاصة على «سيغنال» لمناقشة خطط حرب أميركا ضد الحوثي في اليمن... ليكتشفوا لاحقاً أن جيفري غولدبيرغ رئيس تحرير مجلة «ذا أتلانتك» وهو ضد ترمب، موجود معهم في المجموعة السرية!
جيفري، لم يكذب خبراً، وراح يفضح ما جرى، ويجري المقابلات وينشر المحادثات السرية، وذكرني هذا بمشهد رائع من فيلم «الكيت كات» المصري، حين فضح (الشيخ حسني) الضرير كل الحارة من خلال مايكروفون العزاء الذي تركه المسؤول عنه - سهواً - مفتوحاً، بعد انتهاء العزاء، وكانت مكبرات الصوت موزعة في أنحاء الحارة، مع «تغريدات» الشيخ حسني المدمرة!
المثير، أن صديق ترمب وموضع ثقته إيلون ماسك يحاول إيجاد مخرج من هذه السقطة المحرجة، من خلال إثبات أن هناك عملية قرصنة حصلت على المجموعة، وعليه، فليس هناك إهمال من مستشار الأمن القومي أو وزير الدفاع، بل هم وكل مجموعة «الشيخ حسني» ضحايا.
حتى تكتمل سخرية المشهد، فإن إيلون ماسك، كان قد اقترح في يناير (كانون الثاني)2021 على متابعيه استخدام تطبيق «سيغنال»، بدل «واتساب»!
بالعودة إلى «مصائب قوم عند قوم» فقد شهدت متاجر التطبيقات إقبالاً قوياً على تنزيل تطبيق التراسل والتواصل الاجتماعي «سيغنال» خلال الأيام الماضية.
في حومة الوغى ورهج الغبار المنبعث من هذه «الوكسة» السيغنالية، تأملت في ملحظ مختلف، وهو اعتماد كثير من الحكومات وكبرى الشركات في العالم آلية الدردشة أو«التشاتنغ» لإنجاز العمل وطبخ الأفكار وعقد النقاشات، بعضهم، بل جلهم، يفعل ذلك في تطبيق «واتساب»، وبعضهم في «سيغنال»، وبعضهم في غيرهما، وبعضهم، للأمور الجادة، يصنع تطبيقاً خاصاً به.
التأمل أو السؤال هو: هل توثق هذه النقاشات - بعضها يتضمن وثائق مرسلة - في أرشيف وسجلات الحكومة أو الشركة، بوصفها عملاً رسمياً؟!
وهل «واتساب» أو حتى «سيغنال» الذي يقال إنه شديد الخصوصية والتأمين، مستضيف مأمون لمحادثات حكومية سرية؟! وهل هذه الشركات سيصبح لديها، مع الوقت، أخطر أرشيف سري في العالم؟!
هناك تأملات أخرى سياسية حول اقتراح نظريات مؤامرة - من باب تجريب قدراتي الإبداعية - تجاه هذا الاختراق...
«معقولة تصدق أن «أميركا بجلالة قدرها» وعلى مستوى دائرة الرئيس، يصير فيها خطأ بدائي من هذا النوع»؟!
شغل عقلك... وأنا معك سأجرب حظي في المقالة المقبلة.