: آخر تحديث

من الأحق بالتهجير؟!

5
6
5

خالد بن حمد المالك

ما إن صرح الرئيس الأمريكي ترامب بأن على الغزيين في قطاع غزة أن يتركوا القطاع إلى أرض أكثر أماناً في مصر والأردن في هجرة ضرورية لأن غزة لم تعد صالحة للسكن، حتى ضجت الأصوات والتعليقات ولِمَ لا يكون التهجير للإسرائيليين، بإعادتهم إلى دولهم التي قدموا منها، واحتلوا الإقامة في فلسطين منذ عام 1948م.

* *

كان منطق أصحاب هذا الرأي، أن الفلسطينيين هذه أرضهم، ولا يمكن أن يتخلوا عنها، وهذه حقوقهم، ومن غير المنطق أن يتنازلوا عنها، بينما الإسرائيليون لا حق لهم بهذه الأرض، فهم قدموا لها منذ أقل من مائة عام للسكن فيها، وتحويلها إلى دولة يهودية، حتى أنهم لا يزالون يحتفظون بجنسياتهم الأصلية بازدواج مع الجنسية الإسرائيلية.

* *

لفت نظري، وفي حركة فلسطينية ذكية، ترسل رسالة إلى ترامب ونتنياهو وللعالم كله، حين وقف بعض المطلق سراحهم من الإسرائيليين على شجرة زيتون عمرها أكثر من مائة عام، فإذا بالرهائن، وفي عفوية في الكلام يتحدثون عن أن عمر هذه الشجرة أطول من عمر قيام الدولة الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية.

* *

أعود مرة أخرى إلى موضوع التهجير، وهي فكرة صادمة من رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بحق الفلسطينيين، فهو يريد أن يفرِّغ فلسطين من أهلها، بدءاً من قطاع غزة، ثم الضفة الغربية، لصالح إسرائيل، وحجته أن إسرائيل أُقيمت على مساحة بحجم القلم مقارنة بمساحات الدول في المنطقة، ولو كان واقعياً لقال إن الفلسطينيين بدون دولة، مع أن مساحة القلم هي أرض مغتصبة من الدولة الفلسطينية التي تآمر عليها الغرب وأمريكا.

* *

ومع أن المؤامرة لم تستكمل كل حلقاتها، إذ إن العمل يجري على تهجير كل الفلسطينيين من بيوتهم لصالح العدو الإسرائيلي، إلا أن تحقيق مثل ذلك لن يكون، ولن يتحقق، لا بالقوة العسكرية، ولا بالإغراء أياً كان نوعه، والسبب أن الفلسطينيين متمسكون بأرضهم، مصرون على قيام دولتهم، لا يخيفهم القتل، ولا يغريهم المال والسكن المريح.

* *

ولهذا، فإن خيار الدولتين هو المخرج والعلاج، وتصحيح الخطأ التاريخي ولو نسبياً، حيث ألحق الضرر بالفلسطينيين بزرع إسرائيل في قلب الوطن العربي، ولا نعتقد أن إسرائيل سوف تتمتع بالأمان ما بقيت ترفض قيام دولة فلسطينية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.

* *

سيطول الصراع، وسوف يحمل الفلسطينيون شعلة تحقيق الأمل بقيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967م وعاصمتها القدس جيلاً بعد جيل، وسيظل هذا الأمل حياً في النفوس، ولن تسقطه العنصرية، وحرب الإبادة، والدعم غير المحدود لإسرائيل، وفي المقابل لن تكون إسرائيل آمنة، ولن تكون غير مرعوبة من سطوة الفلسطينيين ذات يوم وبأكثر مما هي عليه الآن.

* *

حجة إسرائيل في قيام دولة فلسطينية مجاورة لها، أن ذلك يعني إزالة إسرائيل من الوجود، ولهذا فهي ترفض الأخذ بخيار الدولتين، وقد أثر المنطق الإسرائيلي على داعمي إسرائيل، وتصديقه أصبح السياسة التي تبني عليها أمريكا والغرب مواقفهما من القضية الفلسطينية، مع أن المطلوب أن تسمع وتصغي للصوت الآخر، صوت الفلسطينيين، وتقف من الجانبين على مسافة واحدة، لكن كيف يتحقق ذلك، مع ما نسمعه من الرئيس الأمريكي من أقوال ومواقف لا يمكن تصنيفها إلا أنها أكثر عدوانية حتى من المواقف الإسرائيلية المجرمة.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد