: آخر تحديث

بدائلٌ عمليةٌ لاتفاقيات خليجية

21
26
34
مواضيع ذات صلة

نظراً لتعذر تطبيق بعض الاتفاقيات الخليجية الجماعية التي أقرتها من قبل الهيئات المعنية في دول مجلس التعاون، لأسباب مختلقة يتعلق بعضها بجوانب إدارية وتنظيمية وتشريعية، فإن هناك مَخرجاً عملياً تم بحثه من خلال ردود الأفعال على المقالتين السابقتين الخاصتين بالتعاون الخليجي، وهو ذلك المتعلق بإمكانية تنفيذ القرارات والاتفاقيات من قبل دولتين أو أكثر، على أن تنضم بقية الدول تباعاً متى ما تهيأت الظروف الخاصة بها أو تولدت لديها قناعة بأهمية الانضمام. ويشكل ذلك توجهاً مناسباً للمضي في تنفيذ الاتفاقيات تدريجياً إلى أن يكتمل العقد بانضمام كافة دول المجلس، وهو ما يحول دون عرقلة التنفيذ بصورة كاملة ويزيل أحد أهم العقبات التي أخّرت الأخذَ باتفاقيات وقرارات جماعية مهمة، وهو ما سيدفع بالعمل الخليجي خطواتٍ للأمام ويسرّع من اندماج الاقتصادات الخليجية.

ولنتطرق إلى بعض الاتفاقيات التي سبق وأن نُفذت من قبل أكثر من دولة وانضمت إليها دول أخرى لاحقاً وتمخضت عنها نتائج إيجابية كبيرة، فبالإضافة إلى القطار الخليجي، والذي سبق أن أشرنا إليه، تمكن الإشارة إلى اتفاقية ضريبة القيمة المضافة، والتي تم تطبيقها قبل خمس سنوات من قبل الإمارات والسعودية لتنضم إليهما البحرين بعد عام ونصف، تلتها عمان لاحقاً، في حين لم تأخذ الكويت وقطر بهذه الضريبة لظروف خاصة بكل منهما، وهو ما ينطبق أيضاً على الضريبة الانتقائية الخاصة بالسجائر وبعض أنواع المشروبات ذات العلاقة بالصحة العامة. وينطبق ذلك أيضاً على ضريبة الشركات والتي طُبِّقت سابقاً في السعودية والكويت ومن المقرر تطبيقها في الإمارات مطلع شهر يونيو الجاري. أما تأشيرة «شنغن» الخليجية فيتوقع أن تبدأ بثلاث دول هي السعودية والإمارات والبحرين، على أن تنضم إليها بقية الدول متى ما رأت نفسَها مهيأةً لذلك.

ويلاحظ أيضاً بأن هناك سرعة في توقيع بعض دول المجلس لاتفاقيات للتجارة الحرة مع بعض الدول النشطة تجارياً للاستفادة من الظروف الناجمة عن هذه الاتفاقيات، كتنمية الصادرات، وذلك بعد تعذر توقيع مثل هذه الاتفاقيات المهمة بصورة جماعية، حيث يمكن لبقية الدول اللحاق بهذه الاتفاقيات والاستفادة من نتائجها الإيجابية.

ومع أنه ستنجم عن هذا التوجه بعض الجوانب السلبية، فإن المحصلة العامة إيجابية، والأمور في مثل هذه القضايا لا توجد في حالتها المطلقة، إلا أن بعض السلبيات تمكن معالجتها، فعدم تطبيق ضريبة السلع الانتقائية في بعض دول المجلس على سبيل المثال، أدى إلى استغلال ذلك في عمليات تهريب، وبالأخص للسجائر عبر الحدود، وذلك بسبب نسبة الضريبة المرتفعة والتي تتراوح بين 100-150%، لكن عمليات التهريب محدودة جداً، وتمكن محاصرتُها وتشديد العقوبات الخاصة بها، ومن المهم جداً أن لا تعرقل بعضُ الجوانب الاستثنائية الاستمرارَ في العمل بهذه الضريبة التي أصبحت تشكل أهميةً للاقتصادات التي بدأ العمل بها، والتي أفرزت نتائج إيجابية على المستويين الاقتصادي والصحي.

لذا أضحى من الأهمية بمكان أن يستمر العمل بهذا الأسلوب الخاص ببدء تطبيق الاتفاقيات بعدد من الدول التي تتوافق على التنفيذ، على أن تنضم بقية الدول لاحقاً، إذ إن ذلك لا يقلل أبداً من أهمية الاتفاقيات الجماعية، بل يشكل عاملاً مساعداً لتسهل اكتمالها بفضل المكاسب التي ستتحقق والتي ستقنع بقيةَ الدول بالانضمام، كما رأينا في الأمثلة المذكورة آنفاً.

ويتم الآخذ بأسلوب العمل هذا في العديد من التكتلات الاقتصادية العالمية، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، إذ إن عدم جاهزية دولة ما للعمل بالاتفاقيات الجماعية يجب أن لا يعيق تنفيذَها في بقية الدول، علماً بأن الدول الأخرى ستنضم عاجلاً أم آجلاً بفعل وجودها ضمن التكتل ذاته، وبالأخص إذا ما تطور التكامل الاقتصادي بين أعضاء المجموعة ليصل إلى مرحلة توحيد الأنظمة والتشريعات وصولاً للسوق المشتركة.
*خبير ومستشار اقتصادي


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد