: آخر تحديث

أردوغان يدور حول أردوغان!

7
9
10
مواضيع ذات صلة

ينشغل العالم والمنطقة هذه الأيام بما ستكون عليه تركيا بعد إعادة انتخاب رجب طيب أردوغان رئيسا لخمس سنوات جديدة. ثمّة واقع لا يمكن تجاهله يتمثّل في أن أردوغان بقي في موقع الرئاسة، علما أن الانتخابات أجريت في ظروف مشكوك في نزاهتها.

ليس معروفا هل تغيّر أردوغان في ضوء اكتشافه أنّ تركيا، بغض النظر عن التقدّم الذي حققته في ميادين معيّنة، ليست سوى دولة من العالم الثالث من جهة وأنّ حلمه بالقضاء على إرث مصطفى كمال أتاتورك سيقضي على تركيا من جهة أخرى.

أي أردوغان، عاد إلى الرئاسة للتحكم بمصير تركيا التي يتجاهل مشاكلها وأزماتها الداخليّة، خصوصا في مجالات الاقتصاد والعلاقات الدوليّة… والقدرة على استيعاب الأقلّيات الكرديّة والعلويّة على سبيل المثال وليس الحصر؟

انتصر أردوغان بفضل الدعم الذي وفّرته له السيطرة على أجهزة الدولة، بما في ذلك وسائل الإعلام الرسميّة التي كان مسموحا له باستخدامها قدر ما يشاء وكيفما شاء. في الوقت ذاته، تعرّض المرشح المنافس كمال قليجدار أوغلو لضغوط جعلت الوقت المتاح له في وسائل الإعلام شبه محدود!

في حال لم يستطع الرئيس التركي، الجديد – القديم، استيعاب ما على المحكّ في بلده، يُخشى من تحوّل تركيا إلى رجل المنطقة المريض على غرار ما كانت عليه الدولة العثمانية في السنوات التي سبقت انهيارها في عشرينات القرن الماضي.

سيعتمد الكثير على ما إذا كان في استطاعة رجب طيب أردوغان القيام بمراجعة للذات بدءا بسؤال نفسه لماذا هذا الهبوط للعملة الوطنية وصولا إلى فقدانها ثمانين في المئة من قيمتها في سنوات قليلة… منذ بدأ كبار التجار والصناعيين يهربون بأموالهم إلى خارج تركيا.

مشكلة أردوغان في أردوغان. مشكلته في أنّ أردوغان يدور حول أردوغان. إنّه شخص لا يعرف العالم ويكره الغرب ويرفض في الوقت ذاته التعرّف إلى الأسباب التي جعلت تركيا تدخل مرحلة رجل المنطقة المريض. الواضح أنّها في بداية هذه المرحلة، خصوصا أنّ الرجل خاض كلّ معاركه من أجل القضاء على إرث مصطفى كمال أتاتورك الذي حول تركيا إلى بلد علماني ومدني وربطه بالغرب. أنقذ أتاتورك ما يمكن إنقاذه من الدولة العثمانيّة في الحروب التي خاضها قبل توقيع معاهدة لوزان قبل مئة عام. كان بقاء سميرنا التي صار اسمها إزمير مدينة تركيّة من بين ما نجح به أتاتورك في حروبه.

لا يعرف أردوغان العالم ولا يعرف أهمّية الغرب الأوروبي وأهمّية العلاقة بأميركا، فضلا عن دور تركيا في إطار حلف شمال الأطلسي (ناتو). إلى ذلك، لا يعرف الرئيس التركي الذي أقام نظاما رئاسيّا على مقاسه، أنّ العالم الغربي يمثّل الحضارة وذلك بغض النظر عن أي اعتراضات على السياسات الأميركيّة والأوروبيّة. من يمتلك فرصة الانتماء إلى العالم الغربي وقيمه ولا يستغلّها إنّما يرتكب جريمة في حقّ شعبه وبلده، خصوصا عندما يظهر حقدا على  أوروبا وأميركا ويرضخ لفلاديمير بوتين في سوريا وغير سوريا.

في الواقع، ثمّة أسئلة كثيرة محورها ما الذي سيفعله رجب طيب أردوغان في ضوء انتصاره. في حال وضعنا جانبا الأزمات الداخليّة التركيّة التي تتقدمها الأزمة الاقتصاديّة، نجد تركيا محاطة بمجموعة لا بأس بها من الدول المريضة. بين هذه الدول “الجمهوريّة الإسلاميّة” الإيرانية والعراق وسوريا. يجمع بين سوريا والعراق في هذه الأيّام عنوان عريض هو الهيمنة الإيرانيّة. في كلّ يوم يمرّ، تزداد الهيمنة الإيرانيّة على العراق، فيما لا يرى رجب طيب أردوغان في العراق سوى الخطر الكردي. ما ينطبق على العراق، ينطبق على سوريا أيضا. لم يعد لدى بشّار الأسد، في ضوء الهزيمة التي يعاني منها فلاديمير بوتين في أوكرانيا، سوى الارتماء أكثر في الحضن الإيراني الذي لا يستطيع الخروج منه. لا يستطيع ذلك، عاد إلى احتلال مقعد “الجمهوريّة العربيّة السورية” في جامعة الدول العربيّة أم لم يعد.


عدد التعليقات 0
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لم يتم العثور على نتائج


شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

في جريدة الجرائد