إيلاف من لندن: احتفت الجمعية السعودية - البريطانية بأربعة من الشخصيات البارزة التي ساهمت في تعزيز التفاهم الثقافي بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة، وذلك خلال حفل توزيع جوائز روابي القابضة لعام 2025، الذي أقيم في لندن، الثلاثاء. وشملت قائمة المكرّمين رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز فيصل عباس، والدكتور إدريس تريفاثان، والدكتورة سارة السيف، والدكتور محمد القحطاني.
وأكد آلان مونرو، السفير البريطاني السابق في السعودية، وعضو مؤسس في الجمعية السعودية - البريطانية، أن "هذه المناسبة أصبحت رمزاً مرموقاً يعكس عمق العلاقات بين البلدين". وأضاف مونرو، الذي يستعد للتنحي عن منصبه كنائب رئيس الجمعية، أن الجائزة تطوّرت على مدار 30 عاماً من مجرد "جمعية في الرمال" إلى منصة رائدة للتبادل الثقافي والأكاديمي.
رئيس تحرير صحيفة "عرب نيوز" فيصل عباس (وسط) خلال تكريمه من روابي القابضة 2025
فيصل عباس: صوت إعلامي يعبر الثقافات
استحوذ تكريم رئيس تحرير عرب نيوز فيصل عباس على اهتمام خاص خلال الحفل، ليس فقط لدوره في تعزيز الحوار بين الثقافات، بل لرحلته المهنية التي جمعت بين المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية، مجسّدة قصة نجاح شخصي تعكس عمق الروابط التاريخية بين البلدين.
أمضى عباس جزءاً كبيراً من مسيرته المهنية في بريطانيا، حيث صقل مهاراته الإعلامية، ليعود لاحقاً إلى المملكة العربية السعودية حاملاً رؤية أوسع للإعلام كأداة للتفاهم بين الشعوب. وفي كلمته، قال عباس: "الإعلام ليس مجرد ناقل للأخبار، بل جسر يعبر عليه الناس نحو فهم أعمق لبعضهم البعض".
ومن أبرز محطات عباس الأخيرة، إصداره كتاب حكايا عربي أنجلوفوني، الذي وصفه بأنه "قصة مملكتين"، حيث جمع بين تجاربه الشخصية ورؤيته المهنية في إطار يعكس العلاقات التاريخية والثقافية بين السعودية وبريطانيا. وأوضح عباس أن "الكتاب لم يكن مجرد سرد لتجربة شخصية، بل شهادة حية على كيف يمكن للإعلام أن يسهم في بناء جسور التفاهم بين الشعوب".
وأشاد الحضور بدور عباس في تقديم صورة متوازنة وموضوعية عن العالم العربي عبر صحيفة عرب نيوز، التي أصبحت منصة بارزة للحوار بين الثقافات. واعتبر العديد من المشاركين أن تكريمه يمثل اعترافاً بدور الإعلام في تعزيز التفاهم العالمي.
توسيع نطاق التكريم
وأشار مونرو إلى أن الجمعية وسّعت نطاق جوائزها لتشمل مجالات البحث العلمي والأوساط الأكاديمية، إذ مُنحت جائزتان هذا العام تقديراً لمساهمات بارزة في هذه الحقول.
أُطلقت جوائز روابي القابضة عام 2007، برعاية مجموعة روابي القابضة السعودية للطاقة والصناعة، بهدف تكريم الشخصيات التي تعزز الروابط الثقافية بين البلدين. وقدّم جوائز هذا العام رئيس مجلس إدارة المجموعة عبد العزيز التركي، بحضور سايمون كوليس، السفير البريطاني السابق لدى المملكة، والرئيس الحالي للجمعية.
الدكتور إدريس تريفاثان متحدثاً خلال حفل تكريمه في لندن، بريطانيا، 19 فبراير 2025
إدريس تريفاثان: تعزيز التفاهم عبر المتاحف
تم تكريم الدكتور إدريس تريفاثان، المتخصص في الفن الإسلامي ورئيس مجلس أمناء مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء)، تقديراً لدوره في تعزيز التعاون بين المتاحف السعودية والبريطانية. ويُعد تريفاثان من أبرز أمناء المتاحف في أوروبا وشمال إفريقيا وجنوب شرق آسيا، حيث لعب دوراً محورياً في تنظيم معارض كبرى، من بينها معرض استعادي للمصور البريطاني بيتر ساندرز، الذي يوثق خمسة عقود من العالم الإسلامي.
وقال تريفاثان خلال كلمته: "لقد منحني الانفتاح على ثقافات مختلفة فهماً أعمق وتقديراً أكبر للتنوع"، مشدداً على أن عمله يسهم في بناء جسور التفاهم والاحترام المتبادل بين الغرب والعالم الإسلامي.
د. سارة السيف تتحدث عقب تكريمها من الجمعية
سارة السيف ومحمد القحطاني: التميز العلمي
كرّمت الجائزة أيضاً الدكتورة سارة السيف تقديراً لأبحاثها في تطوير مواد نانوية مستدامة مستخلصة من مصادر بحرية، استجابة لدعوة منظمة الصحة العالمية لمكافحة البكتيريا المقاومة للأدوية. وتتركز جهود السيف على تصميم مواد ذات خصائص مبتكرة يمكنها استهداف البكتيريا الضارة دون التأثير على الخلايا السليمة، وهو ما يعد اختراقاً علمياً في مجال الصحة العامة. وتعاونت السيف مع فرق بحثية متعددة الجنسيات لتطوير هذه المواد، مع التركيز على استدامتها وفعاليتها في البيئات المختلفة.
وأعربت السيف عن اعتزازها بهذا التكريم، مؤكدة أن "التعاون العلمي بين البلدين يعزز الابتكار ويخدم الإنسانية". وأضافت أن دعم الأبحاث في هذا المجال لا يعزز فقط التقدم العلمي، بل يسهم أيضاً في توفير حلول عملية لمواجهة التحديات الصحية العالمية.
أما الدكتور محمد القحطاني، المتخصص في الهندسة الميكانيكية والتصنيعية، فقد نال التكريم لمساهماته في التصنيع الإضافي والأجهزة الطبية الحيوية وهندسة الأنسجة. ويمتلك القحطاني خبرة واسعة في مجال التصنيع المتقدم، حيث قاد عدة مشاريع بحثية ركزت على تطوير تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد لإنتاج أجزاء معقدة تستخدم في المجالين الطبي والصناعي. وشملت أبحاثه تحسين تصميم الأجهزة الطبية الحيوية، مثل الدعامات القلبية والأطراف الاصطناعية، عبر استخدام مواد مبتكرة تعزز المتانة وتقلل من خطر رفض الجسم لها.
بالإضافة إلى ذلك، أسهم القحطاني في تطوير تقنيات التصنيع البيولوجي، التي تتيح إنتاج أنسجة حيوية يمكن استخدامها في الأبحاث الطبية والعلاجات المستقبلية. وتعاون مع جامعات ومراكز بحثية دولية لتعزيز فهم كيفية استجابة المواد المصنعة حيوياً للبيئات المختلفة، مما فتح آفاقاً جديدة في مجالات الطب التجديدي. وعلّق القحطاني قائلاً: "هذا التكريم يعكس أهمية الشراكات البحثية في تحقيق تقدم ملموس في هذه المجالات الحيوية"، مشدداً على أن الابتكار المستمر هو المفتاح لمواجهة التحديات الصناعية والطبية في العصر الحديث.