أثار هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر نقاشًا حول المسؤول الحقيقي عن هذا الهجوم. زعم بعضهم أن الولايات المتحدة هي المسؤولة، فيما أشار آخرون إلى إيران. لمحلل صيني رأي آخر
إيلاف من بيروت: يقول شان كونغ، أحد كبار المحللين السياسيين في الصين، إن القضية الأساسية تنبع من حماس نفسها. يضيف في مقالة له، نشرها موقع "مودرن ديبلوماسي": "على الرغم من عدم الاعتراف بحكومة حماس في غزة، فإنها تعمل بشكل مستقل، مع توفير الموارد المالية والجهود الدبلوماسية والمصالح التجارية والتحالفات والعلاقات والجيش. وحماس منظمة مستقلة شبه حكومية، تتمتع بقدرات عسكرية وسيطرة إقليمية، وتشبه في تنظيمها مجموعة فاغنر الروسية. وهي أظهرت درجة ملحوظة من الكفاءة العملياتية، متجاوزة حتى فاغنر نفسها في جوانب معينة".
بحسب كونغ، ثمة احتمال أن تكون حماس هي من أطلق شرارة هذا الصراع "بسبب صعوبات مالية كانت تمر بها". يقول: "احتاجت إلى الأموال، وشعرت بوجود قيود كبيرة على مواردها الاقتصادية وتزايد حال عدم اليقين، وهذ أدى في النهاية إلى اندلاع الأزمة الحالية". فلطالما كانت التحديات المالية المستمرة الموروثة عن السلطة الفلسطينية قضية بارزة في الشرق الأوسط. وقبل سيطرة حماس على غزة، تألفت القوة العاملة في القطاع من نحو 58 ألف موظف حكومي يعملون في مختلف المؤسسات العامة. وفي أعقاب الانقسام بين حماس وفتح، انسحبت السلطة الفلسطينية من غزة، وطلبت من موظفي الخدمة المدنية في غزة وقف عملهم، لكنهااستمرت في صرف رواتبهم. ولضمان الأداء المنتظم لحكومة غزة، عينت حماس موظفين مدنيين (نحو 50 ألف موظف) مكان المتوقفين عن العمل، وأنشأت نظامًا إداريًا يعمل بالتوازي مع الضفة الغربية.
مصادر تمويل مختلفة
يذكر كونغ أن السلطة الفلسطينية خفضت في أبريل 2017 رواتب موظفيها في غزة بنسبة 30 إلى 50 في المئة. وفي يوليو من العام نفسه، قررت السماح لـ 6145 موظفًا حكوميًا في غزة بالتقاعد المبكر، ما اعتبر ضغطًا على حماس. إلا أن السلطة الفلسطينية عرضت سحب القرار إذا تخلت حماس عن سيطرتها على قطاع غزة وقبلت بشروط حكومة محمود عباس. يقول كونغ: "بطبيعة الحال، لن تقبل حماس بسهولة أي اقتراحات أو ضغوط لتغيير وضعها. فهي منظمة عسكرية عملها القتال. في الواقع، كان لحماس في الماضي العديد من الأعمال التجارية ومصادر دخل وتمويل متنوعة".
منذ ظهورها في الانتفاضة الأولى في عام 1987، استفادت حماس من مساعدات اقتصادية كبيرة. خلال تلك الفترة، أتاحت الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة في فلسطين لحماس فرصة للاستثمار في إنشاء شبكة واسعة من الخدمات الاجتماعية، تشمل بناء المساجد وقاعات الصلاة. وتحتفظ حماس بغطاء من السرية في ما يتعلق بعملياتها الاقتصادية، "لكن بعض مصادر دخلها ظهر إلى العلن"، كما يقول كونغ، معددًا: "أولاً، هناك مساهمات فردية من الفلسطينيين والدول العربية والمجتمع الدولي. تلقت حماس مئات الملايين من حملات التبرع التي أطلقتها شخصيات دينية، منها تبرعات تقوم بها منظمات مثل 'اتحاد الخير'. وتحافظ المؤسسات الخيرية الإسلامية داخل إسرائيل والمنظمات الخيرية التابعة لحماس في غزة على علاقات وثيقة، حيث يهدف جزء كبير من تبرعاتها إلى مساعدة الشعب الفلسطيني في العثور على طريقها في نهاية المطاف إلى خزائن حماس".
غسيل الأموال
بحسب كونغ، ثمة طريقة أخرى: غسيل الأموال. يقول: "تستخدم حماس وسطاء أو مستوردين فلسطينيين لغسل أموال معينة. ويستخدم هؤلاء المستوردون 'الأموال السوداء' لحماس لتغطية المدفوعات عند شراء البضائع من الخارج. إضافة إلى ذلك، أنشأت حماس العديد من الكيانات المالية والتجارية. واتخذت إسرائيل مؤخرًا إجراءات ضد العديد من شركات صرف العملات والمؤسسات الغذائية في غزة، بدعوى وجود علاقات مع حماس. ويذكر أنه بفضل استثمارات حماس، أصبحت العديد من هذه الكيانات التجارية مربحة، وبالتالي تدر نسبة من الأرباح لحماس".
تبنى مشهد القزة العالمي بنية هرمية ذات قدرات متفاوتة. يقول كونغ: "في أحد المستويات، نجد الشركات العسكرية الخاصة قادرة على الانخراط في حروب تجارية، في حين يضم المستوى الآخر تحالفات غربية. وتحتل القوى العظمى مرتبتها، بينما يقع الباقي ضمن فئة الدول العادية. وتختلف قدرات هذه الكيانات وتأثيرها بشكل كبير، وما لم ينتمي أحدها إلى صفوف القوى العظمى، ستجد صعوبة في التعامل مع الشركات العسكرية الخاصة. وتحتفظ حماس بحضور مماثل في الشرق الأوسط، وحتى دولة هائلة مثل إسرائيل واجهت صعوبات في التعامل معها". ويختم كونغ تحليله بالقول: "إنها حرب تجارية، وقد تغير العالم بالفعل".
أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن مقالة كتبها شان كونغ ونشرها موقع "مودرن ديبلوماسي"