طهران: حذّر المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الثلاثاء من أن أحدا لن يتمكن من إيقاف "قوى المقاومة" في حال واصلت إسرائيل قصفها المكثف على قطاع غزة بعد عملية حماس.
وموقف خامنئي، صاحب الكلمة الفصل في السياسات العليا للجمهورية الإسلامية، هو الأحدث في سلسلة تحذيرات أطلقتها إيران خلال الأيام الماضية، أشارت فيها الى إمكان توسع النزاع في حال لم توقف إسرائيل "جرائمها" ضد الفلسطينيين في قطاع غزة المحاصر.
وقال خامنئي "اذا ما استمرت جرائم الكيان الصهيوني، فإن المسلمين سيضيقون ذرعا ولن تطيق قوى المقاومة ذلك، ولن يتمكن أحد من أن يوقفهم"، وذلك خلال استقباله جمعا من أصحاب المواهب العلمية في طهران.
وأضاف "فليعلم هذا أولئك الذين يريدون من إيران منع بعض قوى المقاومة، ويجب ألّا يتوقّعوا ذلك"، متابعا "لن يتمكن أحد من أن يوقفهم... هذه حقيقة قائمة".
وأعلنت إسرائيل في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر الحرب على حماس، غداة عملية غير مسبوقة شنّتها الحركة على أراضي الدولة العبرية انطلاقا من غزة. وقام مقاتلوها باختراق السياج الحدودي وتنفيذ هجمات على مقرات عسكرية وبلدات مجاورة خلفت أكثر من 1400 قتيل، وفق مسؤولين إسرائيليين.
وترد إسرائيل بقصف مكثف على القطاع، ما أدى لمقتل ما لا يقل عن 2750 شخصا وإصابة 9700 آخرين، غالبيتهم من المدنيين، وفق وزارة الصحة في غزة.
ومنذ عملية حماس، توجهت الأنظار الى طهران التي تربطها علاقة وثيقة بالحركة ضمن ما يعرف بـ"محور المقاومة" الذي تقوده إيران ويضم العديد من الفصائل والتنظيمات الاقليمية المناهضة للدولة العبرية، العدو اللدود للجمهورية الإسلامية.
وحذّرت أطراف غربية تتقدمها الولايات المتحدة، طهران وحلفاءها لاسيما حزب الله اللبناني، من الانخراط في هذه الحرب أو فتح جبهة ثانية ضد إسرائيل.
"هزيمة فاضحة"
وشدد خامنئي على أنه "في ما يتعلق بالوضع في غزة، لدينا مسؤولية التحرك. وعلينا أن نتحرك".
وتابع "طبعا مهما فعل الكيان الصهيوني، لن يستطيع أن يعوّض الهزيمة الفاضحة التي تلقاها في هذه القضية".
وفي حين أعربت إيران عن دعمها للعملية غير المسبوقة التي قامت بها حركة حماس، نفت مرارا ضلوعها بها.
لكن الجمهورية الإسلامية كررت خلال الأيام الماضية التحذير من اتساع نطاق الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس.
وقام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان بجولة شملت العراق وسوريا وقطر، إضافة الى لبنان حيث التقى قادة فصائل حليفة أبرزهم الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.
وحذّر أمير عبداللهيان الإثنين من "إجراء استباقي" محتمل ضدّ إسرائيل "خلال الساعات المقبلة"، في وقت تواصل الدولة العبرية الاستعداد لشنّ هجوم بري في غزة وتواصل فرض حصار مطبق وتحول دون إدخال مساعدات إنسانية.
وقال إنّ "اتّخاذ أيّ إجراء استباقي خلال الساعات المقبلة محتمل".
وأضاف "ما لم ندافع عن غزة اليوم، غدا سنضطر للدفاع... عن مدننا"، مشدداً على أن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة، لا يمكننا أن نبقى غير مبالين حيال هذه الجرائم".
ورأى الوزير الإيراني أن الأميركيين "لا يمكنهم دعوة الأطراف الى ضبط النفس والوقوف بجانب المجرمين الإسرائيليين في الوقت عينه"، مشدداً على أن إيران "لا تحبذ توسع الحرب"، لكن في المقابل فإن "قوى المقاومة لديها القدرة على خوض حروب طويلة المدى".
وكان أمير عبداللهيان حذّر في تصريحات سابقة من أن الوقت ينفد "لإيجاد حلول سياسية" قبل أن يصبح "اتّساع" نطاق الحرب "حتميًا".
"لا مدنيين في المستوطنات"
وأكدت الخارجية الإيرانية الثلاثاء أن أمير عبداللهيان تواصل هاتفيا مع مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بشأن أوضاع غزة.
واعتبر المسؤول الإيراني أن "السياسات الأمريكية غير البنّاءة وتشجيع واشنطن للكيان الصهيوني على تنفيذ المزيد من الهجمات ضد المدنيين في غزة عامل مهم في استمرار الحرب وتوسيع نطاقها"، وفق ما أوردت وكالة "إرنا" الرسمية.
وبحث مسؤولون دوليون مع نظرائهم في طهران مؤخرا سعيا للتهدئة وعدم اتساع النزاع. وتواصل الرئيسان الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين بشكل منفصل مع الإيراني إبراهيم رئيسي الذي حذّر من أنّ "هجومًا بريًا" لإسرائيل على غزة "سيؤدّي إلى حرب طويلة ومتعدّدة الجبهات"، وفق ما أفاد مستشاره السياسي محمد جمشيدي.
وانتقد خامنئي الثلاثاء المسؤولين الدوليين الذين "برروا دفاعهم عن الكيان الصهيوني الغاصب، بقيام الفلسطينيين بقتل المدنيين الصهاينة المتواجدين في المستوطنات".
ورأى أن ذلك "مخالف للواقع"، معتبراً أن "من يتواجد في المستوطنات ليسوا مدنيين إطلاقاً، بل كلهم مسلحين".
وأضاف "على افتراض أنهم مدنيون، كم عدد المدنيين الذين قتلوا الآن؟ هذا الكيان الغاصب يقتل مئات المرات اكثر منهم، من نساء وأطفال، شيوخ وشباب ومدنيين، وذلك أيضا في المباني السكنية لغزة التي لا يقنطها الجنود متعمدين بذلك عن سابق اصرار وتصميم اختيار وضرب الاماكن المزدحمة".